حقه قد سقط في البدل، ولا يكون له ها هنا أن يستحلف الآمر, لأن الآمر يقول: أنت إذا طلبت مني اليمين على ما نكل عنه المأمور فنكلْتُ عنها فنكولك السابق منك للمأمور امتنع (١) تعلقها بي.
وقد ذكر ها هنا في صفة اليمين أن الدافع يحلف أنه ما يعلمها من دراهمه، ولا أعطاه إلا جيادًا في علمه. والجمع بين هاتين الجملتين لا بد منه، لأن الاقتصار على إحداهما لا تنفي دعوى المدعي, لأنه إذا قال: ما أعلمها من دراهمي، يكون صادقًا، ولكنه، يمكن أن يكون حين الدفع علم أنه دفع زيوفًا يجب عليه بدلها, ولكنه لا يدري هل هذه الزيوف التي ردت عليه أم لا؟ وإذا أضاف إلى هذا: ولم أعطك إلا جيادًا في علمي، ارتفع ما يخشى منه أن يكون ألغز عليه في يمينه وكذا لو اقتصر على قوله: ما أعطيتك إلا جيادًا في علمي، لم يستقل بنفي الدعوى، لكونه يمكن أن يكون لم يعلم حين الدفع أنها زيوفًا، ولكنه لما اطلع عليها الآن علم أنها دراهمه وأنها زيوف، فلهذا كلف أن يجمع بين هاتين اللفظتين.
ولو اعترف المأمور الذي دفع هذه الدراهم أنها زيوف، ودلس بها على قابضها, لوجبت له عليه الغرامة من باب التغرير والتدليس.
ولو زعم أنه علم بتزيفها ولكنه نسي بيان ذلك حين العقد لعذر بذلك، ولم يتوجه عليه غرامة، إذا كان قد عامل المسلم إليه على وجه لا يوجب عليه البدل، مثل أن يبيّن أنه رسول إليه يشتري منه بعين هذه الدراهم.
وكذلك لو وكل على بيع سلعة فردها المشتري بعيب، وزعم الوكيل بأنه علم بالعيب حين العقد ولكنه نسي بيانه، فإنه لا غرامة عليه، ولا يُستحلف على صحة عذره بالنسيان، لبعد التهمة في هذا. بخلاف من باعه سلعة نفسه وزعم أنه أُنسي بيان العيب حين العقد، فإنه يستحلف على ذلك، لكونه يُتهم في دعوى النسيان في مال نفسه، ولا يتهم في مال غيره. وهكذا، أيضًا، يجب في