للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أو سوقها ففي المذهب قولان، هل ذلك فوت يوجب القيمة، كما يكون ذلك فوتًا في البيع الفاسد، أوْ لَا يكون فوتًا كالاستحقاق للسلع، لكون الوكيل معزولًا عن الشراء لنفسه فيملك السلعة بغير إذن. وقد وقع في كتاب القراض من المدونة في المبضع معه (١).

وذكر ابن حبيب أن الوكيل إذا اشترى لنفسه ثم باع من غيره بربح، أن الربح لرب المال، كما يكون له ثمن السلعة إذا استحقها (٢).

والجواب عن السؤال الثالث أن يقال:

ذكر في المدونة، فيمن وكّل على بيع سلعة فباعها ولم يشهد على المشتري فجحده المشتري. أنه ضامن, لأنه أتلف الثمن إذا لم يشهد. وقد قال مالك فيمن أبضع معه بضاعة ليوصلها إلى رجل، فذكر أنه أوصلها وأنكر المبعوث إليه أن يكون وصلت إليه؛ إن الوكيل ضامن إن لم يشهد، وينبغي أن يلتفت في هذا إلى ما قلناه مرارًا: من كون الأملاك لا يتصرف فيها إلا على حسب ما يأذن فيه مُلّاكها، فإن نص الموكل على أنه يأذن له في البيع بشرط أن يشهد فتعدّى وترك الإشهاد فإنه يضمن. وإن نص على أنه لا إشهاد عليه في العقد فإنه لا يضمن. وإن لم ينص على أحد الأمرين فمقتضى الإطلاق في تعميم اللفظ أنه لا يكون متعديًا في ترك الإشهاد. وهو مذهب عبد الملك في المسألة التي استشهد بها في المدونة من قول مالك في الرسول ببضاعة، فإنه يرى الإشهاد على الرسول في تسليم البضاعة، لكون لفظ الوكالة لا تقتضيه.

ومذهب ابن القاسم أن الرسول يكون متعديًا في ترك الإشهاد لقوله تعالى في خطاب الاوصياء {فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا} (٣).

وينبغي أيضًا إذا علمت حكم النص على الأمر بالإشهاد أو ترْكِهِ فإنه


(١) بياض بالنسختين مقدار سطر.
(٢) هكذا في النسختين.
(٣) سورة النساء، الآية: ٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>