فإن القول قول الموكل، لكون الوكيل ها هنا يطلب غرامة الموكل.
والظاهر من مذهبنا أن الوكيل مصدق في الوجهين لأنه قد أؤتمن على هذا الفعل، وذكر أنه فعل ما وافقه الموكل على أنه ائتمنه عليه. فسواء دفع الألف إليه، أو أمره أن يَعقد بها على ذمة الموكل.
وإن كان قد ذكر بعض أصحاب الشافعي: أن الوكيل إذا قال: قد دفعت ما أمرني الموكل ببيعه وقبضت ثمنه فضاع. وقال الموكل: لم تبع ولم تقبض الثمن. فإن في المذهب عندهم قولين: هل يكون القول قول الآمر أو المأمور؟ والمشهور عندهم أن القول قولًا الآمر. (وهذا نقيض ما قالوه في اتفاقهما على أن الآمر موقع شراء العبد بألف، واختلفا في المقدار الذي اشتراه به)(١).
وقد اختلف فيمن دفع إلى رجل مائة دينار ليدفعها إلى عُمر. وقال: بذلك أمرني ربها. فروي عن مالك: أن القول قول الآمر. وقال ابن القاسم: القول قول المأمور ها هنا، بخلاف أن ينكر الآمر أن يكون أمره بدفعها إلى أحد، فإن القول عنده قول الآمر. ففرق بين إنكار الإذن من أصله، أو الإقرار، وخالف في تفصيله.
وإذا قلنا: إن القول قول الآمر، وحكمنا على الوكيل بأن يرد عليه ما سلم إليه من الدنانير، فهل يكون للوكيل أن يستردها ممن دفعها إليه أم لا؟ فيه عندنا قولان:
أحدهما: أنه لا يمكن من ذلك لإقراره أن الآمر ظلمه فيما أخذه منه، وأن الذي سلم إليه ما أُمر به قد أخذ ما يستحق بؤجه جائز صحيح فلا يمكن المأمور من ظلمه لأجل أن الآمر ظلمه فيما أخذ منه.
وقيل: بل يمكن من ذلك لأنه لم يقصد هبة من دفع ذلك إليه، وإنما هو