للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وإن كان الرسول إنما صدق الموكل في أن الرهن في خمسة، فإنه لا يمين لمن في يده الرهن على هذا الرسول، لكون الرسول له أن يرد اليمين الواجبة علمِه لمن في يده الرهن. والذي في يده الرهن قد نكل عنه للموكل، فيكون ذلك نكولًا أيضًا في حق الوكيل.

ولو اختلف الثلاثة، فقال من هي في يديه: هي رهن في عشرين. وقال الرسول بل في خمسة عشر. وقال المالك: بل في خمسة. وقيمة السلعة عشرة.

فإن مَن هي في يديه يحلف أنها في عشرين، ثم لا يصدق إلاّ في عشرة التي هي قيمة الرهن. وإنما يحلف على العشرين إذا شاء مخافة نكول يوجب تصديقه مع يمحِنه في العشرين. ثم لا يمكّن الموكل من أخذها إلا بدفع قيمتها التي هي عشرة، ثم يغرم الوكيل خمسة لاعترافه لمن في يديه الرهن أنه قبضها منه، والموكل يزعم أنه لم يوصلها إليه. هذا هو المنصوص في هذه المسألة.

ويتخرج في غرامته لهذه الخمسة من الخلاف ما أشرنا إليه.

وإذا كانت قيمة الرهن عشرة، وقال الموكل: هو في خمسة وصدقه الوكيل، ولم يمكن الموكل من أخذها إلا بعد أن يدفع العشرة التي هي قيمتها، فإنه لا مطالبة له على الوكيل، لكونه فرط إذ لم يشهد حتى أوجب على عليه غرامة الخمسة الزائدة على ما يطابق عليه الوكيل والموكل.

بخلاف ما تقدم في هذا الكتاب من أن الوكيل إذا أُمِر بأن يبيع سلعة فباعها ودفعها للمشتري فجحد المشتري، إنه ضامن، لكون الوكيل فرط في الدفع بغير إشهاد، لكون هذا، ها هنا، ينسب التفريط فيه أيضًا للموكل، إذ تسلف خمسة وأرهنه فيها ما قيمته عشرة، وهو يعلم أنه شاهد عليه، فصار هو الممكنَ من تصديق من في يديه الرهن وجحوده، فأشبه الوكيل إذا فرط بحضرة الموكل، فإنه لا مطالبة عليه، لكون الموكل لما حضر كالراضي بتفريطه، مع كون ما أسلم إليه من الرهن ليدفعه لغيره قد أقر له من أمر الوكيل أن يدفعه إليه. هذا حكم الاختلاف في الرهن إذا دفعه الواسطة رهنًا على الموكل.

وأما لو كان مالكٌ أعارها لرجل ليس في سلف يتسلفه لنفسه، فإن القول

<<  <  ج: ص:  >  >>