وأمّا بيع عين يشار إليها بالتمييز في الوجود من غير مشاهدة بل يقتصر فيها على الصّفة، فإنّ ذلك لا يخلو من أن يكون هذا المبيع سلعة حاضرة بين أيدي المتعاقدين يمكن النظر إليها والإحاطة بها بِالمشاهدة لها جملة وتفصيلًا من غير مشقة تلحق في ذلك، أو لا يمكن ذلك إلا بعد مشقة.
فأما إن أمكن ذلك من غير مشقة لكونه ثوبًا مطويًّا بين أيدي المتعاقدين غير مستور بشيء ولا كلفة في نشرِهِ، فإنّ هذا، المعروف من المذهب أنّه لا يجوز العقد فيه على (١)، والعدول عن المشاهدة له على الجملة والتفصيل إلى الاقتصار على الصفة مخاطرة وتغرير وضرر لم تدع حاجة إليه. وقد اشتهر أنّ الخبر ليس كالمعاينة، ونحن نجد من أنفسنا أنّ الشّيء يوسف لنا ويجتهد الواصف له في البيان عنه وعن صفاته، فإذا وقع البصر عليه قصر عمّا تحمّلته النّفسُ منه من الخبر، أو زاد على ذلك. وهذا يقتضي كون العدول عن النّظر إلى الخبر غررًا في البيع. وقد رأى بعض أشياخي أنّ المذهب في هذا على قَولين، تعلّقًا منه بما وقع في المستخرجة فيمن قال: أبيعك كذا وكذا ثوبًا في صندوقِي هذا. ووصف المبيع لِلمشتري، وسلّمه إليه. فلمّا غاب عليه زعم أنّه لا يوافق الصّفة التي سمعها من البائع، أنّ المشتري لا يصدّق في هذا بعد غيبته عليه، والبيع لازم له. وهذا الذي تعلّق به من هذه الرّواية قد لا يسلم له لإمكان أن يكون فَتْح التَّابوت وإخراج ما فيه من الثياب وتقليبها واحدًا واحدًا، ثم ردّها إليه، فيه مشقّة، وربّما غيّر رَوْنق المتاع، فلهذا أجازه ها هنا كما يجيز بيع البرنامج. وكذلك لو كان الثوب المبيع مخبّئًا في وعائه، كساج في جرابه، فإن المذهب فيه على قولين في كتاب ابن الموّاز. وهذا أيضًا يمكن أن يكون إنما أجازه في أحد القولين لكون إخراجه من جرابه يفسد رونقه، وقد يشق إخراجه وإعادته، فأشبه ذلك بيع البرنامج، فيكون على هذا التأويل مَا لا يشقّ النظر إليه لا يختلف في منع بيعه على الصّفة لكون الصّفة لا تحلّ محلّ العيان، والعدول