للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في حال الانعقاد للبيع إلى عين متميّزة بالمكان، مثل أن يقول: بعتك ما في صندوقى أو ما في يدي، أو ثوبًا (أي جزني) (١) بالبصرة، أو ما في دار (٢) ببغداد، فإن هذا يجوز عنده ويكون للمشتَري إذا اطلع عليه ورآه الخيار في التزام هذا البيع أورده. بخلاف أن يقول: بعتك ثوبًا، ولا يشير إلى مكان يدلّ على التعيين والتمييز، فإن هذا يلحق بالسّلم في غير شيء موصوف، فيفسد.

ولهذا جاز بيع ثوب من أحد ثلاثة أثواب على خيار المشتري لأحدها لما أضيف هذا التخيير إلى تعيين، ولو كانت أثواب أربعة لم يجز ذلك، وإن حصل فيه ما صوّره من التّعيين، لأنّ البيع لثوب من ثلاثة غرر، والقياس منعه، لكن يستحسن جوازهُ لقلّة الغرر. وكما أنّ الأصل عنده منعه بيع الخيار على الجملة لما فيه من غرر، ولكنّه أجيز منه خيار ثلاثة. أيام لخفّة الغرر فيها، ومنع اشتراط أربعة أيام لشدّة الغرر فيها. وأيضًا فإنّ الثلاثة من العدد تشتمل على الثلاثة من الأوصاف ائتي لا دافع لها، وهي كون الشْيء، جيدًا أو دَنِيئًا أو وسطًا. وهكذا كل جنس من أجناس المبيعات له طرفان وواسطة. فالثلاثة أثواب قد تشتمل على الثلاثة أوصاف من غير تكرير، وما زاد على هذا من العدد قد تكرّر فيه بعض هذه الأوصاف فيشتدّ الغرر، فلهذا أجاز بيع غائب أشير إليه بالتمييز على الجملة الدّالة على كونه عينًا موجودة، بخلاف ما لا يشير إليه بذلك بل يشار إليه بكونه سلماَّ فَي الذمّة.

وعلى هذا الأسلوب اختلف أصحاب الشافعي أيضًا على قولين بناء على أحد قولي الشافعي في جواز بيع الغائب هل يكون خيار الرّؤية ثابتًا للمشتَري خاصّة والعقد في حقّه موقوف على اختياره ولازم للبائع أو يجوز أن يكون خيار الرّؤية لهما جميعاَّ مَثل أن يكون البائع ورث سلعة لم يرها فباعها على الضفة ثم رآها هو والمشتري بعد العقد. قال بعضهم: يكون الخيار للبائع في إمضاء البيع إذا رأى المبيع كما يكون ذلك للمشتري. وقال بعضهم: لا يجوز عقد هذا البيع


(١) كذا بالأصل، ولعل الصواب: عندي.
(٢) كذا بالأصل، ولعل الصواب: داري.

<<  <  ج: ص:  >  >>