للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بشرط أن يكون قريب الغيبة.

والنكتة المعتبرة في هذا أنّه قد تقرّر كون المكيل والموزون ضمانه من بائعه لمّا كان غير معلوم مبلغُ المبيع إلاّ بالكيل والوزن، وكون البائع عليه توفية المبيع، فإذا لم يوفه لم يستحقّ العوض. وكون العروض الّتي يمكن منها مشتريها ضمانها من مشتريها لكون البائع قد فعل ما عليه من التّوفية، وهو التّمكين منها.

واضطراب المذهب فيما ليس فيه توفية بكيل ولا وزن ولا عدد وهلك عقيب العقد قبل أن يمضي زمن يمكن فيه تسليم ذلك لمشتريه. هل يكون ضمان ذلك من بائعه أو من مشتريه، على قولين.

ومن ذلك أيضًا المكيال (١) ثم يتلف في يد بائعه قبل مضي زمن يمكن فيه تسليمه لمشتريه. فتارة قدّر أنّ فائدة البيع انتقال الأملاك وتمكين كلّ واحد من المتعاقدين من البدل. فإذا لم يحصل ذلك فكأنّ حقيقة البيع لم تحصل فكان الضمان من البائع. وتارة قدّروا أنّ البيع ينعقد بالقول وينتقل الملك به، والضّمان تابع للملك فوجب أن يكون من المشتري. وقد احتجّ القاضي أبو محمَّد عبد الوهّاب، رضي الله عنه، في غير كتابه هذا لهذا القول بأنه قال عليه السّلام: "الخراج بالضمان" (٢) والخراج بالعقد للمشتري دون اعتبار ذهاب قدر التّسليم.

وهذا الذي ذكره القاضي أبو محمَّد في الخراج، وأشار إلى الاتفاق عليه. كان بعض أشياخي يرى أن ذلك يجري على الاختلاف الذي وقع في الضّمان. فمن رأى أنّ الضّمان من البائع جعل الغلّة له. وهكذا يرى في المحتبسة بالثّمن.

والذي يؤكّد طريقة شيخنا هذا قوله في المدوّنة لما ذكر الخلاف في ضمان الغائب فقال: النّماء والنّقص على القولين. فأنت تراه أثبت الخلاف في النّماء، والخراج نماء. فهذا يحقّق ما قاله شيخنا ومقتضاه أن المبيع الغائب إذا بيع على صفة فتبدّل إلى ما هو أعلى وأرفع، أن يكون للبائع الخيار في فسخ البيع لأجل الزيادة الحادثة في المبيع بعد العقد على القول أنّ الضّمان منه، كما يكون


(١) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: المكيل.
(٢) فيض القدير: ٥/ ٥٠٣. حد: ٤١٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>