للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بإحضار ثمنها، فعدوله عن ذلك لا يسقط الضمان عنه، والمبيع الغائب يستحيل في العادة قبضه بفور العقد، فصار تعذّر التّسليم متيقّنا بخلاف المبيع المحتبس.

وإذا تقرّر الاختلاف في الضمان فإنّه أجاز في المدوّنة أن يشترطه من هو، في الحكم عليه، على الآخر، وما ذلك إلإّ لكون محلّ الضّمان اختلف فيه قول مالك لكون الأدلّة فيه تكاد تتعارض فلمّا أشكل الأمر استخف نقل الضمان من محلّه إلى محلّ آخر قد قيل: إنّه هو الأصل في الحكم فيه، بخلاف نقل الضّمان من محلّ إلى محلّ آخر اتّفق على أنّه ليس بمحلّ الضمان.

وقد قيل: إنّ المذهب على قولين في اشتراط الضّمان على المشتري، على القول بأنّ الحكم كونه على البائع، لأجل ما وقع لمالك فيمن باع طعامًا واشترط على المشتري ضمانه إن أدركته الصفقة، أن ذلك لا يجوز، مثل من باع زرعًا وهو قائم قد استحصد ويبس، لكون البائع عليه توفية المبيع، ولا يمكن توفية الغائب بفور العقد، فصار كمن اشترط في بيع الثمار ألاّ جائحة فيها، أو باع عبدًا قد أخبره على أنّ ضمانه من مشتريه بنفس العقد، مع كون مشتريه لا يمكنه تصرفه فيه. وما قدّمنا نحن من العذر يمنع من هذا التّعليل لكون محلّ الضمان مختلفًا فيه، ولم يشترط الضمان في أصل العقد، ولكنّه بدّل محلّه بعد عقد البيع، فإن المذهب على قولين في هذا. هل يجوز أم لا؟ فقيل: ذلك جائز، بناءً على أنّ ما بعد العقود يقدر كأنّ العقد وقع عليها في أصله. كمن اشترى نخلًا وفيها ثمرٌ لم يره، ثم بعد العقد اشترى الثمرة، أو اشترى عبدًا ثم أراد مشتريه أن يستثني ماله بعد العقد فإنّ هذا مختلف فيه وإن كان يقال تبدل محلّ الضّمان بعد العقد في بيع الغائب أشدّ من هذا، لكون الثّمر يلحق بالتخل فيملك المشتري الجميع عقدًا بعد عقد فكأنه ملك ذلك بعقد واحد. ومال العبد يلحق بملك العبد لا بملك المشتري لكن قد أجاز في كتاب ابن حبيب وفي الموّازية أيضًا أن يدفع البائع إلى مشتري الجارية عوضًا ليبرئه من كل عيب بها لم يعلم به البائع. كما يجوز اشتراط البراءة من ذلك في أصل العقد من كون هذه معاوضة مجرّدة على أمر مجهول كما أن تبدّل محلّ الضّمان في بيع الغائب معاوضة على

<<  <  ج: ص:  >  >>