المشتري لا يمنع من كونه في حكم المستقرّ في الذمّة ما يجوز ها هنا مِمّا هو خلاف مقتضى استصحاب الحال. وقوإنتصر سحنون بأنّ الجارية إذا بيعت على المواضعة، وتقايل فيها المتبايعان، فإن ذلك جائز، لكون الأمة لا استبراء فيها على مشتريها بل ترجع إلى يد بائعها في الحال، فلم يأخذ عن دين إلا سلعة قبضت في الحال، فلم يمنع ذلك. لكنّهما لو تقايلا عن زيادة زادها البائع أو زادها المشتري لوجب وقف الزيادة حتى تعبم سلامة هذه الأمة من الحمل، لئلا يظهر بها حمل يوجب ردّها على بائعها فيكون (بياض)(١) والزيادة قد انتفع به، ثم وجب ردّه فيصير تارة ثمنًا وتارة سلفًا. وهذا يقتضي الالتفات إلى تَجويز ما يطرأ على العقد مِمّا يوجب حله.
وقد تأوّل يحيى مسألة الإقالة من الأمة التي في المواضعة بزيادة، على أنّ بائعها قد وطئها فيجب ردّ البيع على كل حال لكونها قد ظهر أنّها أمّ ولد، وأمّ الولد لا تباع. وإذا وجب ردّها صار انتقاد الزيادة تارة بيعًا وتارة سلفًا.
ورأى بعض الأشياخ أنّ الرّواية تحمل على الإطلاق ولا يفترق الحكم بين أن يكون بائعها وطئها أم لم يطأها، لجواز أن يكون وطئها غيره فيظهر بها حمل فيكون لمشتريها الردّ به، كعيب اطّلع عليه لم يعلم به حين العقد.
وهذا الذي ذكره بعض الأشياخ قد ينفصل عنه يحيى بأنّ العمل إذا كان من السيّد وجب ردّها شرعًا، وإن اختار المشتري التمسّك بها، وإذا كان العمل من غير السيّد جاز للمشتري التمسّك بها وإذا تمسّك بها لم يجب عليه ودّ الزيادة شرعًا، فلا يقدر ها هنا كون هذا البيع قد انكشف أنّ الثمن فيه تارة سلفٌ وتَارة بيعٌ.
وقد تردّد بعض الأشياخ في هذه المسألة إذا حدث عيب في المواضعة بعد أن تقايلا على زيادة، هل لبائع الجارية أولًا أن يردّ بهذا العيب الحادث في المواضعة ليبطل هذه الزّيادة؟ لكونه إنّما زاد في سلعة سالمة من العيوب أو