للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكثيرها. وقد سلك بعض من ذهب إلى هذا المذهب مسلكًا آخر. فذهب إلى أن هذا الماء مكروه. ووجهه (١) الأخذ بالأحوط ليتطهر بماء متفق عليه. وقد ذهب بعض أصحاب مالك إلى طريقة أخرى أيضًا. وهي التشكك في حكم هذا الماء، وإيجاب الجمع بينه وبين التيمم. ووجه ذلك تعذر الترجيح بين القولين الأولين فوجب الجمع بين مضمونيهما (٢). فيؤمر المكلف بالوضوء، لجواز أن يكون الماء طاهرًا، وبالتيمم لجواز أن يكون نجسًا. فإذا جمع بينهما تيقن براءة ذمته. واختلف هؤلاء فيما يُقدَّم منهما على صاحبه. قال بعضهم يتوضأ ويتيمم، ويصلي. لأن هذا الماء طاهر على أصل المذهب. فوجب أن يتلف (٣) باستعماله حتى يحصل متيممًا مع عدم الماء. وقال بعضهم يتيمم ويصلي ثم يتوضأ ويصلي لأن هذا الماء مشكوك في نجاسته. ولهذا افتقر معه إلى التيمم. فإذا بدأ به قبل التيمم خيف أن تكون أعضاؤه قد نجست به وإذا قدم التيمم أمن ذلك. لأنه إن كان الماء نجسًا ففرضه التيمم وقد فعله. فنجاسة الأعضاء بعد أداء العبادة على وجه يبريه، لا تأثير له.

والجواب عن السؤال الخامس: أن يقال: أما القليل إذا حله طاهر لم يغيره فإنه باق على أصله. وخرج بعض العلماء (٤) المتأخرين أنه مكروه كما كره الماء القليل إذا حلته النجاسة القليلة. وهذا التخريج غير صحيح لأن النجاسة القليلة قد قدمنا أن الماء ينتقل بها عن أصله عند بعضهم ويصير نجسًا، فكره عند آخرين مراعاة لهذا القول وتحرزًا منه، فافترق الأمران. هذا وقد ذهب بعض أصحابنا على ظاهر ما نقل عنه: أن الطاهر المخالط إذا لم تغلب أجزاؤه على أجزاء الماء فإنه لا يسلب الماء حكمه. وإن غلب على أوصافه. ولكنه مكروه عنده تحرزًا من الاختلاف. فهذه طائفة لم ترل المغير الطاهر إذا غلب بأعراضه


(١) ووجه -ح-.
(٢) مضمونها -ح-.
(٣) هكذا في جميع النسخ. وفي -ق- مخروم غير واضح. والظاهر أنه إذا كان الماء الذي معه قليلًا.
(٤) ساقطة من -و-.

<<  <  ج: ص:  >  >>