للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اختلطت فيه المنافع مُحرّم بعضها وحِلٌّ بعضها اعتُبِر فيه المقصود منه هل هو المحلل، فيجوز على الجملة بيعها، أو المقصود المحرّم فيمنع بيعه، على ما تقدّم تفصيل القول فيه في موضعه.

وإذا تقرّر أن الخمر لا يحلّ شربها، ولا منفعة فيها إلاّ الشرب حرم بيعها، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الذي حرم شربها حرّم بيعها" (١) وقوله: "لعن الله اليهود حرمت عليهم الشحوم فباعوها وأكلوا أثمانها" (٢).

لكن يبقى فيها نظر آخر وهو صحة حيازتها وإقرارها في يد المسلم. فأمّا إقرارها في يده وصحّة حوزه لها فإن كان الغرض بذلك شربها فإنّ ذلك يمنع منه، ويوجب إراقتها عليه.

ولو كان ليخلّلها جرى ذلك على. الاختلاف بين أصحابنا في جواز استعمالها إذا صارت خلاًّ بِتَخليل من هي في يديه لها. فمن منع استعمالها إذا صارت خلاًّ من قِبَل من هي في يديه لم يصح إقرارها في يديه ولا يصحّ حوزه لها. ومن سهل في أكلها إذا خلّلها أمكن ألاّ يُمنع من بقائها في يديه، ولا تراق عليه إذا أمن من شربه لها خمرًا.

ويثْمِرُ هذا اختلافًا في مسلم غصب خمرًا من يد مسلم، فصارت في يد الغاصب خلاّ.

فإن قلنا: إنّ من كانت في يده لا يصحّ منه حوزها ولا تقرّ في يديه، فإنّ ما صار خلاّ في يد الغاصب يكون للغاصب. كما لو وجده في فلاة غير مملوك لأحد ولا عليه يدُ أحد.

وإن قلنا: يصحّ إقرارها في يديه وحوزه لها ليخلّلها. فإنها إذا تخللت كانت لمن غصبت منه. كعبد غصب فَنَمَا في يد الغاصب، فإنّه يعاد إلى المغصوب منه.


(١) الموطأ: أشربة ١٢.
(٢) البخاري: أنبياء ٥٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>