مخاطبون بفروع الشريعة، اقتضى ذلك ألاّ يلزم المشتري، إذا كان مسلمًا فاستهلكها، ثمنها.
وإن قلنا: إنّ مستهلك الخمر في يد ذميّ يلزمه قيمتها، نظرنا في هذا: هل يلزمه الثّمن أو يسقط عنه.
بخلاف الاستهلاك لها من غير مبايعة لكون النصرانيّ الذي باعها سلط مشتريَها عليها، وأذن له في إتلافها، مع علمه بأنّه محرم في شريعة الإِسلام المعاوضة عليه. وأقا لو كان النّصراني لم يعلم أنّ مشتريها منه مسلم لكان له المطالبة بالثّمن لأنّه لم يخرجها من يده إلاّ عن عوض تراضيًا عليه.
ولو اشتراها من النّصرانيّ نصراني وهو يعلم أنه اشتراها لمسلم لكان الحكم فيها كما لو باشرها المسلم بالشّراء.
وأمّا إخراج الثّمن من يد النّصرانيّ والصدقة به فإنّا إذا قلنا: إن المسلم، لما باعها، وهو يعلم أنّ ثمنها لا يحلّ له، صار كالمتصدّق به لكونه مَا لَا مالكَ له، فإنّه يلتفت فيه إلى من التزم صدقة على غير معين، هل يجبر على إخراجها أم لا؟
فهذه النكتة الّتي يجب أن يلتفت إليها وتبنى عليها هذه الروايات التي قدّمناها.
وقد ذكرنا عن مالك رضي الله عنه أنّه قال في المسلم إذا اشتراها من النّصرانيّ، ودفع الثمن إلى النّصراني البائع، فإنّه لا ينزع من يده. وإن لم يدفعه، وأخذ من يد المسلم، نتصدّق به على النّصراني أدبًا له. فقد يقال ها هنا: هلاّ قال مالك كما قال سحنون في الصّدقة بهذا المال وإن قبض لكون التأديب في الحالين على حدّ سواء.
وهذا عندي وجهه أنّ الثّمن إذا قبض فقد فرغ من العقد، وصار النصراني في يده مال قد قبضه، وهو يعتقد استحلاله واستحقاقه لقبضه، ولم يحتج في أخذه مِمّن هو عليه إلى قضية قاض، فلم يلزم القاضيَ اعتراضٌ. وإذا لم يقبضه