فأمّا ابن القاسم فيقدّر كأنه إذا صالحه على مائة درهم، فقد دفع إليه العبد ومائة درهم عوضًا عن المائة دينار التي عليه، فتسعون منها ثمن العبد، والمائة درهم مصارفة عن العشرة الباقية من المائة، واجتماع الصرف والبيع لا يجوز عنده إلاّ فيما قل قدره.
وأمّا أشهب فإنّه أجاز ذلك لكونه لا يمنع من البيع والصرف أن يجتمعا في عقد واحد. ولو منع ذلك لجاز، على أصله أيضًا، لكونه لم ير الصّلح معاوضة عن الثّمن الذي قبضه البائع، وإنما يقدّره معاوضة عن إسقاط القيام بالعيب، وأخذ دراهم كثيرة معاوضة عن هذا لا يمنع.
ولو صالح البائع على عشرة دنانير من سكة الثّمن يدفعها نقدًا، لجاز ذلك. ويقدّر أنّه دفع من الثّمن الّذي وجب عليه ردّهُ عشرة دنانير ودفع العبد عوضًا عن التّسعين التي بقيت عليه.
ولو وقع الصّلح ها هنا بعوض مؤجّل، لمنع جميع ذلك على الإطلاق في سائر الأنواع.
فلو فرضنا أنّ البائع صالح على عشرة دنانير يدفعها للمشتري إلى شهر، لكان ذلك ممنوعًا على أصل ابن القاسم، لأنّه يقدر أنّ البائع فاسخ المشتري في المبيع ووجب عليه ردّ المائة دينار بأسرها، وأخذ عبده فقبل منه المشتري تسعين منها معاوضة عن العبد الذي أبقاه المشتري في يده، بشرط أن يؤخّر البائع بالعشرة الباقية إلى أجل. فيصير هذا بيعًا للعبد بتسعين على أن أسلف المشتري البائعَ العشرة التّي وجبتْ له معجّلة فأخرها إلى أجل، وتأخيرها سلف منه للبائع والبيع والسلف محرّم. وإذا وقع هذا جرى على أحكام البيع والسلف.
ومقتضى أصل أشهب جواز هذا. لأنّ العشرة التّي يدفعها البائع إلى شهر ليست معاوضة عن العبيد (١) ولكنّها معاوضة عن إسقاط القيام به، وذلك جائز.