للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخمّير (١) مجرى سؤر النصراني لاشتراكهما في علة النهي التي هي شرب الخمر.

والجواب عن السؤال الثالث: أن يقال: اختلف قول مالك في الأمر بغسل الإناء من ولوغ الكلب فحمله مرة على الوجوب لأن الأمر يقتضي مطلقه الوجوب عند جمهور الفقهاء. وحمله مرة على الندب لأنه إنما أمر بغسل الإناء من ولوغه لأنه مما يستقذر. وتوقي ما يستقذر، وتعافه النفس غير واجب.

والجواب عن السؤال الرابع: أن يقال: ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - في رواية مسلم أنه قال: فليرقه ثم يغسله سبع مرات (٢). والأظهر في المذهب أن ذلك تعبد، لا لنجاسة الكلب. وقال أبو حنيفة والشافعي إنما ذلك؛ لأن الكلب نجس. وهو ظاهر مذهب ابن الماجشون. لأنه قال: إن ولغ في اللبن، أكل إن كان بدويًّا، وطرح إن كان حضريًّا. وإن ولغ في الماء طرح حضريًا كان أو بدويًّا. فإن عجن به طعام طرح. قال لأنه نجس وهذا تصريح منه بنجاسة الكلب. وهكذا في السليمانية أنه إذا ولغ في ماء فطبخت به قدر لم يؤكل. وسوى مطرف في اللبن بين البدوي والحضري. واعتبر القلة والكثرة فطرح القليل وأكل الكثير. وطرد مذهب ابن الماجشون يوجب (٣) أن يستوي حكم البدوي والحضري كما قال مطرف. لأن النجاسة يستوي حكمها في البدو والحضر. ولكنه خرج عن أصله لأصل آخر، وذلك أنه ثبت أنه عليه السلام أباح سؤر الهرة. وعلل بتطوافها (٤) علينا. وهذا تنبيه منه - صلى الله عليه وسلم - على أن ما يشق التحرز منه ولا يمكن إبعاده فإنه معفو عنه. والكلب في البدو بهذه المنزلة. وقد قال سحنون الهر أيسر من الكلب.


(١) الخمّير: المكثر من شرب الخمر.
(٢) رواه مسلم والنسائي وابن الجارود.
(٣) ساقط من -ح-.
(٤) قوله - صلى الله عليه وسلم -: أنها أي الهرة ليست بنجسة أنها من الطوافين عليكم والطوافات. أخرجه مالك والشافعي وأحمد وأصحاب السنن وغيرهم. الهداية ج ١ ص ٢٨٧ - ٢٨٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>