أشياخي في التّفرقة في مسألة الزّائف بين أن يكون الصرف عقد على دنانير معيّنة أو غير معيّنة. وإنّما حذا في هذا حذو الشّيخ أبي محمّد بن أبي زيد في هذه المسألة. وأشرنا نحن إلى ما عندنا في ذلك هناك. وأشرنا إلى أنّ أصل أشهب الإضراب عن الالتفات إلى هذه الطّرق، وأنّه يرى أنّ الصّلح في هذا على الإنكار ومعاوضة على ألاّ يردّ بالعيب. ولهذا نصّ ها هنا في مسألة الطّوق على جواز الصّلح بسكّة غير سكة الدّراهم. وابن القاسم يجيز ذلك إذا كان بسكة الدّراهم الّتي هي الثّمن، ويمنع إذا كان بخلاف السكّة. وسحنون يمنع ذلك في الوجهين، لما أشرنا إليه من كونه يرى ذلك يجري مجرى تأخير بعض الصرف.
والجواب عن السؤال الرابع أن يقال:
إذا صالح بعض الأشراك في أنواع المال بقيّة أشراكه على أخذ نصيبه من أحد أنواع الأموال المشتركة، فإنّه قد ذكر في المدوّنة، في مثال هذا، مسألة من توفّى عن زوجة وأولاد، وترك دنانير ودراهم حاضرة، وعروضًا حاضرة وغائبة، وعقارًا. فإنّ المرأة إذا صالحت على أخذ مقدار نصيبها من الدّنانير خاصة فإنّ ذلك جائز إذا أخذت ذلك من عين الدّنانير التّي تركها الميّت. وإن صالحت على أخذ مقدار نصيبها من الدّنانير، ولكنّها لم تأخذ ذلك من عين الدّنانير التّي تركها الميّت، وإنّما أعطاها ذلك الورثة من أموالهم، فإنّ ذلك لا يجوز. هذا مذهب ابن القاسم. وأجاز ذلك أشهب.
وقد استبعد المتأخّرون من الأشياخ هذا الذي قاله أشهب ورواه أنّه يهدم أصولًا اتّفق عليها مالك وأصحابه، وغيرهم من الشافعية والحنفيّة.
فمن ذلك جواز بيع دينار بدينارين، وهذا لم يقل به أحد من فقهاء الأمصار. وكذلك ألزموهُ أن يجيز بيع عرض وذهب بذهب. وهذا يمنع منه مالك والشافعي.
وصوّروا هذا الإلزام من جهة كون المرأة إذا أخذت عشرة دنانير من ثمانين دينارًا من نفس الثّمانين دينارا كانت واهبة لنصيبها في بقيّة أنواع الأموال،