للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والمقاسمة لما على الغريم. وقد قدّمنا أن الدّين إذا اقتسماه، انفرد كل واحد بما اقتضاه.

وكذلك حكم هذا الذين إذا كان من قرض لمال اشتركا فيه، وكتباه في كتاب أو كتابين أو لم يكتباه، الحكم في هذه الأقسام كما قدّمناه في (١) إذا كان الدّين من بيع سلعة مشتركة.

وأمّا إذا كان الذين ثمن سلعتين ينفرد كلّ واحد منهما بملك سلعته، فباعاهما جميعًا على القول بجواز ذلك، وكتبا ثمنهما في كتابين، فإنه لا يدخل أحدهما على الآخر فيما اقتضاه، لكونه لا شركة بينهما في ثمن ولا مثمون.

وأمّا إن كتبا ذلك في كتاب واحد، فإنّ الشّيخ أبا محمّد بن أبي زيد، رحمه الله اعتبر حال المثمون ولم يوجب لأحدهما الدّخول على الآخر لَمّا كانا غير شريكين فيما باعاه. واعتبر بعض المتأخرين الثّمن، وقدر أنّه لما كتباه في كتاب واحد، صار ذلك كشركة فيه، وإذا ثبتت الشّركة فيه، وجب دخول أحدهما على الآخر فيما اقتضاه. ولا بعد في أن يوجبْ الكتاب الواحد الجمع فيما كان أصله مفترقًا، كمسألتنا هذه. كما لم يبعد كون افتراق الكتابين يوجب التفرقة فيما كان أصله مشتركًا. فإذا لم يبعد هذا، لم يبعد في عكسه.

فإذا تقرّر هذا، فإنّه إذا أوجبنا لأحدهما مشاركة صاحبه فيما اقتضاه منه فإنّ المذهب على قولين مذكررين في المدوّنة هل يكقف المشارك لشريكه فيما اقتضاه أن يقتضي جميع دينه، ثمّ يردّ منه على الشريك المقتضى أوّلًا المقدار الّذي اقتضاه وأعطاه إيّاه حتى يعتدلا في مشقّة الاقتضاء، كما اعتدلا في المساواة في هذا المال؟ أو لا يكلّف ذلك، بل يقتضيان جميعًا ما بقي في الذمّة ويشتركان فيه أيضًا؟ وكأنّ من ذهب إلى هذا قدّر أن ما في الذّمّة من عين هما فيه شريكان، وهو كعرض تعدّى أحدهما فأخذ بعضه، فإنّ للآخر أن يجيز فعله وينفرد بحقّه الّذي كان في الذمّة، ويقتضي، جميعه لنفسه. أو يشارك المقتضي


(١) هكذا في النسختين، والأوْلى إسقاط (في).

<<  <  ج: ص:  >  >>