للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بسواء، فلا ربا ها هنا. وإن اتفق أن يكون إحداهما أكثر من الأخرى، فإنّ من عليه دراهم يجوز أن يقضي أقلّ منها (١) ويكون صاحب الحق واهبًا لبعض حقّه. ويجوز أن يقضي أكثر منها على شروط تقدّم ذكرها في ما قبل هذا الكتاب. واشترط في المدوّنة في جواز هذا الصّلح أن يكون ما يصالح به يؤخذ نقدًا، ولا يجوز المصالحة على تأخيره. وهذا الّذي قاله واضح إذا وقع الصلح بجنس غير الدّراهم الّتي نسيا مبلغها، فإنّ ذلك فسخ دين في دين، ولم تدع الضّرورة إلى العفو عنه. وأمّا إن وقع الصّلح بدراهم هي من سكّة الدّراهم المجهول مبلغها، وفي الجودة مثلها، فإنّ ذلك يجوز إذا تحقّق المصطلحان أنّ الدّراهم المنسيّة أكثر مِمّا اصطلحا عليه، لأنّ المصالح يحسن (٢) النقص في المقدار والتأخير والإنظار. وأمّا إذا كانت الدّراهم المصالح بها لا يتيقّنان أنّها أقلّ مِمّا نسياه أو يشكّان هل هي أكثر أو أقلّ، فإنّ الإنظار لا يجوز لكونهما يقعان (٢). وقد يقعان في زيادة على الواجب بسبب التأخير والإنظار، فيكون ذلك سلفًا جز منفعة. وقد قال أشهب: إنّ الدّرهم المستهلك يجوز الصّلح عنه بدرهم ما كان. وهذا إن أراد به جواز ذلك على أيّ حال، كان الدّرهم المصالح به من زيادة؛ على المستهلك أو نقصان فإنّ ذلك سائغ كما قدّمناه وبيّنّا العذر عنه. وإن أراد أنّ الصّلح عن ذلك يجوز بدرهم يعلم أنّه خلاف سكة الأوّل، فإنّ هذا يمكن أن يقعا فيه في الرِّبا بأن يكون المصالح عنه أدنى في الجودة وأكثر وزنًا، أو أعلى في الجودة وأقلّ وزنًا. ومثل هذا يمنع لما فيه من الرّبا. وتجويز الوقوع في الرّبا كالتّيقّن له في المنع من ذلك. وقد أعتذر أشهب عمّا قاله من هذا الإطلاق بأنهما لم يقصدا المقامرة والخطار. والمقصود تغيّر أحكام العقود على حسب ما ذكرناه في كتاب الصرف في بدل الدّرهم السَّتُوق (٣) بالدّرهم الطيّب.

وأشرنا إلى التّعليل بأنّهما لم يقصدا إلى التّفاضل. وقد قال ها هنا في كتاب


(١) غير موجودة بنسخة المدنية مع صفحة ٥٥٤.
(٢) هكذا في جميع النسخ ولعل الصواب محسن بالنقص.
(٣) المبهرج انظر القاموس: ستّوق. وهو معرب. انظر المعرب للجواليقي: ٢٥١.

<<  <  ج: ص:  >  >>