وهذا الَّذي أشار إليه من الاستدلال بتلوّن الحال بالشّدّة والرّخاء كنّا قدّمنا في كتاب الصّرف ذكره لما تكلمنا على من باع بدراهم فقطعت، هل يلزم البائع قبولها وإن فسدت أو لا يلزمه ذلك؟ وذكرت مذهب شيخنا أبي محمّد عبد الحميد وأنّه كان يرى الرّجوع إلى القيمة أولى. وكون شيخنا أبي الحسن المعروف باللّخمي أنكر هذا المذهب، واحتجّ بأنّه يلزمه عليه بطلان السلم إذا وقع في زمن الشّدّة ثم حلّ الأجل في زمن الرخاء، وأتى به المسلم إليه. وأنّي خاطبته على ذلك، وأشرف إلى المنع من هذا الاستدلال لكون السلم إنّما يجوز بشرط أن يكون إلى أجل تختلف الأسواق فيه. فمبنى جوازه على مراعاة اختلاف الأسواق. فلو جعلنا اختلافها مفسدًا له لكنا تناقضنا. وإذا اصطلح أحد الخصمين مع صاحبه على أنه إن لم يوافه يوم كذا إلى المحاكمة فكراء دابّته عليه فلم يوافه، فإنّ هذا الشّرط لازم. وهذا الّذي قيل ها هنا بناء على أنّ من أدخل رجل أبو عده في خسارة، فإن ذلك يلزمه. وقد تقدّم بيان هذا في غير هذا الموضع.