عن الديْن بالديْن، والحوالة بيع دين بدين؛ لأن من له الدين قد باع الدين الذي يستحقه في ذمة غريمه بدين آخر يستحقه غريمه في ذمة رجل آخر، لكن لما دعت الضرورة إلى ذلك وتضمن معروفُ اورفقًا سامح الشرع به، كما فعل في العرية، أرخص فيها وإن كانت تضمنت وجوهًا محرمة ذكرناها في كتاب العرية: بيع الرطب بالتمر، والجزاف بالمكيل من الطعام، والطعام بالطعام إلى أجل، لكن أبيحت لما فيها من المعروف والرفق والحاجة إليها.
والجواب عن السؤال الثاني أن يقال:
أمّا المحيل فلا يلزمه أن يحيل، ولا يجبر على الحوالة، ولا خلاف في ذلك لأن الحقوق متعلقة بذمته فلا يجبر على أن يقبضها من ذمة أخرى، كما لو باع سلعة معينة فإنه لا يجبر على أن يُعطيَ غيرها، وإن كان مثلها أو أدنى منها.
وكما لو أحضر مالأوضعه بين يديه، فأراد أن يقضي منه ما عليه فقال له الطالب للدين: أنا آخذ منك من الدنانير التي ليست هي حاضرة بين يديك.
وأما اعتبار رضا المحتال الطالب للدين، فإنه أيضًا يعتبر رضاه، ولا يجبر أن يتحول عن الذمة التي استحق الدين فيها إلى ذمة. كما لو اشترى سلعة بعينها فإنه لا يجبر على أن يدفع إليه مثلها أو أفضل منها. ولا فرق بين استحقاق أعيان معينة، واستحقاق ديون في ذمة معينة. وكذلك لا يجبرهم مستحق الدين على أن يأخذه (١) عوضًا عنه جنسًا آخر، مع أنه لو رضي بذلك لاستوفى حقّه.
فأحرى أن لا يلزمه التحول إلى ذمة أخرى لا يكون مجرد التحويل إليها استيفاء لحقه.
وذهب داود إلى أنه يجبر على التحول، وليس له أن يمتنع منه، تعلقًا بما ذكرناه في الحديث من قوله - صلى الله عليه وسلم -: "وإذا أَتبع أحدكم على مليء فليتبع" فأمَره بالاتّباع، ومجرد الأوامر على الوجوب عند أكثر الفقهاء. ولا شك أن أكثر من