للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذباب في إناء أحدكم فليغمسه كله ثم ليطرحه (١). فلو كان ينجس بالموت لفسد الطعام بغمسه فيه لأن الغالب موته بالغمس وإذا مات في الطعام نجس الطعام وفسد. وما كان عليه السلام يأمر بإفساد الطعام وتنجيسه.

وقد صار الشافعي إلى نجاسته بالموت ورأى أن العلة ذات وصف واحد وهو الموت خاصة. فطردها في جميع الحيوان وطرد أصله. فقال بنجاسة دود النحل إذا مات فيه لوجود الموت الذي هو علة الحكم. ولكنه لم يقل بنجاسة النحل لعدم حفظه وصيانته عن موت الدود فيه.

والجواب عن السؤال العاشر: أن يقال: اختلف ظاهر المذهب في البرغوث. فألحقه ابن القصار بما له نفس سائلة لوجود الدم فيه. وقد قدمنا أن النفس السائلة عبارة عن وجود البلة والدم وهذا موجود في البرغوث. وحكي عن سحنون ما ظاهره إلحاقه بما لا نفس له سائلة. وحكى ابن حبيب أن البعوض كالجراد فألحق البعوض بما لا نفس له سائلة مع أن فيه دمًا. ونقطة الاختلاف في ذلك أن هذا الدم في هذا الصنف من الحيوان ألحقه بما له نفس سائلة عند من رأى ذلك. ومن اعتبر كون الدم أصليًا لا طارئًا، ألحق هذا بما لا نفس له سائلة. لا سيما وما لا دم له أصلًا، لا أصليًّا ولا طارئًا قد صار الشافعي إلى نجاسته بالموت، فالأصل ما قيس عليه هذا غير متفق على صحته.

قال القاضي رحمه الله: ولا يجوز التطهر من حدث ولا نجس ولا لشيء من المسنونات والقرب بمائع سوى الماء المطلق. والنبيذ التمري المسكر (٢) نجس كالخمر لا يجوز شربه ولا التطهر به لا لحدث ولا لنجس.

قال الإِمام رضي الله عنه: يتعلق بهذا الفصل أربعة أسئلة منها أن يقال:

١ - ما الدليل على صحة ما قال؟.


(١) البخاري بسنده إلى أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فليغمسه كله ثم ليطرحه. فإن في إحدى جناحيه داء وفي الأخرى شفاء. الفتح ج ١٢ ص ٣٦٢.
(٢) ونبيذ التمر المسكر -الغاني-.

<<  <  ج: ص:  >  >>