للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأحوال، على ما فيه من حصول النظافة التي يؤمر بها المكلف في كل أحواله عند الصلاة وغيرها.

قال القاضي رحمه الله: ومن ترك الاستنجاء والاستجمار وصلى بالنجاسة فإن كان لعذر من سهو أو عدم ما يزيلها به أجزأه. وأعاد إن وجد في الوقت. وإن كان عامدًا قادرًا على الإزالة لم يجزه، وأعاد أبدًا. وليس على من بال أن يقوم ويقعد أو يزيد في التنحنح، ولكن ينتر ويستفرغ جهده على ما يرى أن حالته تقتضيه (١) من إطالة أو إقصار. ويكره له البول قائمًا في موضع صلب لا يأمن تطايره عليه. *أو مقابلة الريح* (٢) ويجوز في الرمل، والمواضع التي يأمن ذلك فيها.

قال الإِمام رحمه الله: يتعلق بهذا الفصل سؤالان: منها أن يقال:

١ - لم فرق بين الناسي والعامد في ترك الاستنجاء؟.

٢ - ولم كره البول قائمًا في الموضع الصلب وأجازه في الرمل وشبهه؟.

فالجواب عن السؤال الأول: أن يقال: أما تفرقته بين الناسي والعامد فإن ذلك مبني على إزالة النجاسة هل هو فرض أو سنة؟ وقد ذهب أبو حنيفة إلى أن الاستنجاء مستحب وليس بواجب، وجعله أصلًا في العفو عن قليلًا النجاسة. وسيرد تحقيق القول فيه عند بلوغنا إلى موضعه من هذا الكتاب فلا معنى لذكره ها هنا.

والجواب عن السؤال الثاني: أن يقال: إنما كره البول قائمًا لقول عائشة رضي الله عنها: من حدثكم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبول قائمًا فلا تصدقوه (٣). وإنما خص بذلك المواضع الصلبة؛ لأنه إذا بال قائمًا تطاير عليه، فينجس بدنه وثوبه.

وتوقي النجاسات مأمور به. وإنما أجاز ذلك في الرمل. بحيث لا يتطاير لذهاب العلة التي من سببها (٤) نهينا عنه. وقد روي أنه عليه السلام أتى سباطة قوم فبال قائمًا ومسح على خفيه (٥). والسباطة يأمن فيها من تطاير البول. وقد


(١) حاله يقتضيه -و-الغاني-.
(٢) ما بين النجمين مثبت في الغاني فقط.
(٣) رواه الترمذي والنسائي. جامع الأصول، ج ٧ ص ١٢٩.
(٤) بسببها -ح-.
(٥) رواه الستة وأحمد. ولفظ البخاري عن حذيفة: أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - سباطة قوم فبال قائمًا. ثم دعما بماء فجئته بماء فتوضأ. فتح الباري، ج ١ ص ٣٤١.

<<  <  ج: ص:  >  >>