أحدهما أنه لا يرجع على القاتل بما فضل عنده من قيمته يوم القتل، بل يرجع بذلك الغاصبُ الذي أُغرِم القيمةَ يوم الغصب، وإذا أُغرِمها يوم الغصب صار القتل وقع على ملكه، فله قيمته.
وذهب أشهب إلى أن ما فضل عند القاتل، لصاحب العبد أن يأخذه، وإن كان قد استغرم الغاصبَ القيمةَ يوم الغصب. قال: لأن الغاصب لا يربح.
وقد وقع لابن القاسم في كتاب السلم مثل هذا في الوكيل إذا تعدّى فاُغْرِمَ: إنه لا يربح.
ولو كانت الجناية على العبد، وهو في يد الغاصب، إتلافَ عضو منه، فإن الأمر جار على ما قررناه من الخلاف، فإنْ أحبَّ صاحب العبد أن يأخذ عين عبده، فإنه لا يغرّم الغاصبَ قيمة الجناية، على المشهور من المذهب، في الجناية إذا كانت ليست من قِبَل الغاصب، وعلى ما خرجناه من قول سحنون له أن يغرِّم الغاصب.
وإذا كانت قيمة الجناية يوم الغصب خمسةً، وعلى هذا وقع تقويم العبد، وأخذ صاحب العبد جميع قيمة العبد لسائر أعضائه، ووجدنا قيمة الجناية يوم جنى الجاني عشرةً، فإن الغاصبَ الغارمَ لجميع القيمة يوم الغصب إذا أخذ من الجاني عشرةً، فإنه يختلف في الخمسة الزائدة على ما قوم عليه يوم الغصب، هل تكون للغاصب، لأنه لما غرم القيمة ملك العبد فكانت قيمة الجناية له، أو يقال: إنه لا يربح، فتكون هذه الخمسة لسيِّدِ العبد؟
وهذا، من تدبر ما قلناه، فيما يلزم الغاصبَ غرامتُه أوْ لا يلزمه، عرف منه ما فصلناه ها هنا.