للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأما غلة الإبل والبقر والغنم فالظاهر من المذهب أنها تلحق بالعقار لا بالرقيق والدواب.

واعتذر عن هذا بعض المتأخريين بأن غلاتها تحدث بالطبع والحِيلَة (١)

سواء أراد ذلك الغاصب أو لم يرده، لأن الصّوف تنبت، واللبن يحدث، أراد الغاصب ذلك أو لم يرده بخلاف ما لا يصحّ به الانتفاع إلا بفعل الغاصب، كركوبه الدابة، واستخدامه العبد.

وهكذا اعتذر أيضًا بعض المتأخرين عمّا رواه أبو الفرج من كون الغاصب للرقيق والدواب يضمن غلة ما أكراه من ذلك، ولا يضمن ما انتفع به من ذلك بنفسه، لأجل (٢) أعواض المنافع إذا أخذها صارت كعين كأنه غصبها فعليه ردّها كالصوف واللبن، يفارق ذلك استهلاكه المنافع لنفسه لأنه لم تحصل في يديه عين قائمة.

وأما إذا لم يستوْف المنافع ولكنه عطّل الشيء المغصوب، فقد حكينا عن أبي حنيفة أنه لا يوجب عليه غرامة في استيفائه المنافع فكيف إذا عطلها؟ ذلك أحرى (٣) لا يجب عليه عوضها لأجل التعطيل.

وذكرنا عن الشافعي أنه يوجب عليه غرامة ما عطل منها، كما يوجب عليه غرامة ما استوفاه منها.

وأما نحن، إن قلنا: يجب عليه غرامة ما استوفاه منها، فهل يغرم عوض ما عطل منها؟ فيه قولان: المشهور الذي عليه الأكثر أنه لا يضمن قيمة ما عطل منها. وقد تقدم كلامنا على هذا في تضمين الغاصب هل يقاس ذلك على ما أتلف أوْ لا يقاس عليه؟ وأجرينا عليه الاختلاف في تضمين الغاصب نقص الأسواق.


(١) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: الجبلّة.
(٢) هكذا في النسختين، ولعل الأوضح إضافة: أنّ.
(٣) هكذا في النسختين، ولعل الصواب إضافة: أنْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>