وهذا الذي قالوه غير صحيح، لأن أخذ الابدال والإعراض (١) إنما يصح فيما يتمول، ومنافع الأعيان مما يصح العقد عليها بعوض، كما للإنسان أن يؤاجر عبده، ويكري داره. فلولا أنها مما يتموّل لم يصح عقد الإجارة فيها.
وبعض أصحاب أبي حنيفة سلم أنها مما يتمول، ولكنه منع من وجه آخر، وهو كون الغصب لا يتصور، كما جمنع أبو حنيفة من تصور الغصب في الديار؛ لأن الغصب إزالة يد المالك بيد الغاصب، والمنافع تعدم عند وجودها فلا يصح استيلاء ربها عليها. فكذلك لا يصح استيلاء الغاصب عليها. ولا يتصور أيضًا فيها الإتلاف، إن لم يصح الاستيلاء عليها، لأن ما يتلف ما صح بقاؤه، والمنافع أعراض تنعدم، ولا يحتاج انعدامها إلى أن يغرمها الغاصب.
وهذا الذي قاله كله تخييل لا تعلق له بمسألتنا. والذي يقطع الشغب فيه مناقضتهم بعقد الإجارة على المنافع. وجميع ما اعتلوا به من هذه العلل في كون المنافع لا يضمنها الغاصب موجود في عقد الإجارة عليها.
وإذا تقرر ما ذكرناه من الاختلاف في ضمان المنافع بأن الولد ليس بغلة، فيجري فيه مجرى الخلاف الذي قدمنا في ضمان الغاصب للغلات.
هذا المنصوص عليه عند جميع أهل المذهب. لكن تأول بعض المتأخرين من الأشياخ تخريج خلاف فيه من المسألة المشهورة في كتاب الرد بالعيب من قوله: إن من اشترى أمة فولدت عنده، واطلع على عيب يوجب تمكينه من ردها، وقد حملت عند المشتري وولدت، فإن الولادة تنقصها، وهذا النقص عيب حدث عند المشتري، ومن اطلع على عيب كان عند البائع، وقد حدث عنده عيب، فإنه، إن اختار الرد فإنه لا يرد حتى يغرم قيمة العيب الحادث عنده.