للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فهذه الثلاثة ألفاظ حَمْلُ كل واحد منها على فائدة أَوْلى من حملها على فائدتين، وهما: الصغير والمجنون. وكذلك إن قالوا: إن أول الآية يدل على ما قلناه لأنه تعالى قال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} (١) يخاطب سائر المؤمنين، والسفيه من المؤمنين.

فأسند تعالى المداينة إليه، فدل على جواز القضاء بها عليه.

وهذا يجاوبون عنه بأن ما ذكره في آخر الآية من استثناء هؤلاء الثلاثة أخرجهم عن عموم الخطاب الأول.

والعموم إذا تعقّبه تخصيص أو استثناء وجب المصير إليه.

فإن قالوا: إن السفيه قد اتفقنا على أن إقراره على نفسه بما يوجب الحدّ أو العقوبة يؤخذ به، فليكن المال كذلك.

قيل لهم: العاقل لا يتهم في أن يقر بباطل يؤدي إلى قتله، ويتهم في أن يقرّ بما يؤدي إلى إتلاف ماله لغرض له في ذلك لا يقع في مثله العقلاء الرشداء.

وكذلك إن قالوا: فإنه لو صرح بأن ما يعقده في المستقبل مفسوخا (٢)، وكان رُشيّد، لم يؤخذ بهذا القول.

فتصرف الإنسان في ماله أبسط من تصرف غيره. وكذلك لا يؤثر قول الحاكم: أبطلت عقوده من المستقبل وكيف يحل ما لم يعقد ويبطل ما لم يوجد؟

فيقال لهم: إنما يتسلط الحكم على أن عقوده لا تلزمه. وهذا معنى يتصور قبل العقد، كما يتصور بعد العقد فسخ العقد لكونه غير لازم.

فإذا تقرر أن السفيه الكبير يستأنف الحجر عليه، فإن المذهب على قولين


(١) البقرة ٢٨٢
(٢) هكذا، والصواب: مفسوخ.

<<  <  ج: ص:  >  >>