للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتوضأ وضوءك للصلاة (١). وأما الودي فمقيس عليه أيضًا، فإنه يخرج مع البول فكان حكمه حكمه. وأما المني فقد اختلف الناس فيه. فذهب مالك إلى أنه نجس. ووافقه أبو حنيفة على ذلك. إلا أنه أجاز إزالة يابسه بالفرك. وذهب الشافعي إلى أنه طاهر. وسبب اختلاف المذهبين اختلاف الروايتين. يروى عن عائشة أنها قالت: كنت أفرك المني من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم يصلي فيه (٢). قال الأصيلي حديث الفرك مضطرب الإسناد. وليس يختلف في صحة حديث الغسل. ومع هذا الترجيح الذي ذكره الأصيلي، فإنه مائع خرج من مخرج البول، فوجب أن يكون نجسًا لسلوكه مسلك النجاسة. وقد رجح أصحاب الشافعي حديثهم بأنه مائع يتكون منه حيوان فوجب أن يكون طاهرًا كمح البيضة.

والجواب عن السؤال الرابع: أن يقال: إنما قيد بقوله كل مائع لأنه قد يخرج من السبيلين من الجامدات ما هو طاهر في نفسه كالدود والحصى. والدود والحصى طاهران في أنفسهما، وإنما يكتسبان النجاسة بما تعلق بهما من بول أو غائط.

والجواب عن السؤال الخامس: أن يقال: إنما أشار بقوله وغير أنواع البلل إلى رطوبة فرج المرأة. فإن من أصحابنا من ذهب إلى أن بلة فرج المرأة نجسة. لأنها تسلك مسلك النجاسة. ومن الناس من ذهب إلى طهارتها، قياسًا على العرق. وكذلك العلقة قد قال بعض أصحابنا مفسدًا لقول الشافعية بطهارة المني لتكوُّن الخلق منه، إن العلقة نجسة مع تكون الخلق منها. قال: (٣) فإن قالوا بطهارتها خرجوا عما عليه المسلمون. وهذا الذي قالوا من الإجماع لم يسلموه، فإن أبا بكر الصيرفي من أصحاب الشافعي ذهب إلى طهارة العلقة لأنه


(١) رواه مالك: فلينضح فرجه بالماء وليتوضأ وضوءه للصلاة. شرح الزرقاني، ج ١ ص ٧٧ - ٧٨.
(٢) أورده البخاري في الترجمة ولم يرو فيه حديثًا. وأخرجه مسلم - فتح الباري ج ١ ص ٣٤٥ - ومسلم شرح النووي ج ٣ ص ١٩٦.
(٣) قال: ساقطة من -و-ق-.

<<  <  ج: ص:  >  >>