للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هل يكون هذا الاختبار بعد البلوغ أو يكون قبله؟

فالأشهر من مذهبنا أنما هذا الاختبار إنما يكون بعد بلوغ اليتيم الحُلُم.

وذهب أبو جعفر الأبهرى من أصحابنا إلى أنه يكون قبل البلوغ.

وكذلك اختلف أصحاب الشافعي فيه أيضًا على قولين:

وهل يكون الاختبار قبل البلوغ أو بعده؟

فكأن من ذهب إلى الاختبار قبل البلوغ تعلق بظاهر قوله تعالى {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاح} فجعل الاختبار قبل بلوغ النكاح وهو الاحتلام.

وجعل قبله "حتى" كالغاية لهذا الاختبار. فإن أثر هذا إلاختبار قبل البلوغ بوقوع عام في النفس برشد اليتيم دفع إليه ماله عقيب البلوغ على الفور، ويكون قوله تعالى {آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا} إن الفاء فيه للتعقيب والمراد فإن علمتم منهم بذلك الاختبار المتقدم، رشدا فادفعوا إليهم أموالهم على البدار والفور.

وقوله {فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ}. الفاء ها هنا للتعقيب، على طريقة هؤلاء وطريقة من ذهب إلى إفادتها للتعقيب في مثل هذا، على ما كنا بسطنا القول فيه فيما سلف، وفيما أمليناه في الأصول. وبقول هؤلاء إن اليتيم إذا بلغ، يمكن أن يكون في معلوم الله سبحانه قد بلغ رشيدا، والرشيد لا يحل إمساك ماله عنه.

فإذا كان الاختبار بعد البلوغ خفنا أن نقع في محرّم، فكان الاحتياط الهروب عنه، ولا يحصل ذلك إلا بالاختبار قبل البلوغ.

وأمّا أصحاب المذهب الثاني فإنهم يقولون: قد تضمنت الآية المنع من أن يدفع للصغير شيء من ماله. والاختبار الذي يثمر العلم بالرشد بما يكون بالتصرف في المال. فإذا منع الشرع من دفعه إليه انحسم طريق العلم المؤدي إلى العلم بالرشد، فوجب من أجل هذا أن يكون الاختبار بعد البلوغ. وأيضًا فإن قوله تعالى {فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا}، ومعناه علمتم، وإن كان فعلا ماضيا فهو إذا وضع بعد حرف الشرط كان للاستقبال، فاقتضى هذا كون دفع المال

<<  <  ج: ص:  >  >>