للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إلى أجتهاد ولا حكومة حاكم للصغير (٢) والمجنون (١) أمران مشاهدان بخلاف السفه.

وكأن من ذهب إلى القول الثالث رأى أن السفه كان بيّنًا، فالمعاملون له فرّطوا فلم تَلزمه معاملتهم، وصار السفه البَيّنُ مستغنيًا عن الاجتهاد غير مفتقر إلى حكم حاكم كالصغير والمجنون.

وإذا كان السفه خفيًّا فارق الصغر والجنون وافتقر إلى حكم حاكم.

وكأن من فرق بين السفه المستصحب من قبل البلوغ، وبين السفه الطارئ بعد البلوغ يرى أن الطارى بعد البلوغ قد ذهب أبو حنيفة إلى أنه لا يوجب الحجر على السفيه بخلاف الحجر على سفيه مستصحب للسّفَه، لا سيما أنه إذا رشد بعد البلوغ عند من عامله لاستصحاب ما عرف له من الرشاد.

هذا في عقود المعاوضات، وأما الهبات فهي نوع من الإتلاف، فاشبهت السفه البيّن كما حكيناه عن المذهب الثالث.

هذا ضبط المذهب فيما يوجب الحجر وردّ الأفعال، هل هو موقوف على مجرد العلة أو على الحكم به في السفيه المهمَل؟

وأما إذا كان السفه الموجب للحجر مما يشاهد ولا يفتقر إلى تأمل واجتهاد كابن سبع سنين عقد على نفسه معاملة، أو مجنون عقد على نفسه معاملة، فإن هذا لا يختلف فيه في كون أفعاله على الردّ، لأن الذين عاملوه يعلمون بالمشاهدة من حاله معنى يمنع الشرعُ من إلزامه أقواله وأفعاله، ورفع التكليف عنه في العبادات فكيف في المعاملات. وهذا بخلاف السبب الموجب للحجر إذا كان مما يفتفر ثبوته والعلم بحصوله إلى تأمل وتكرير اختبار واطلاع على قرائن أحوال، فهذا الذي يحسن فيه الخلاف.

وأما إذا وجد معنى يقتضي رفع الحجر بنفس عدم الموجب له وهو السفه


(١) هكذا، ولعل الصواب: الصِّغَر والجنون.

<<  <  ج: ص:  >  >>