للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يقع فيما يؤدي إلى قتله وعطبه قصدًا إلى ذلك. فالتهمة مرتفعة عن كل واحد في نفسه إذا كان عاقلًا، ولا ترتفع عن كل عاقل في إتلاف المال لكون الشهوات تغلب على عقول كثير من الأحداث فيهون عليه إتلاف المال في تحصيلها.

فجعل الباري سبحانه صيانة أموالهم إلى آبائهم، وصيانة أنفسهم قبل بلوغهم.

فإذا بلغوا ارتفعت ولاية الأب عن ما لا يتهم فيه الولد وهو صيانة جسمه ونفسه، ولا ترتفع ولايته عن صيانة مال ولده لما قدمناه، فمن حاول أن يخرج قولًا في المال: إن اليتيم يدفع إليه ماله بمجرد البلوغ، كما ذكرنا عن بعض أشياخنا، فإن ذلك تخريج غير صحيح.

لكن من أشار إلى الخلاف في هذا من أشياخي كان يعول على ما ذكرنا في المدونة ويعول على ما في كتاب ابن حبيب، في سفيه وجبت له الشفعة بعد رشده أن السنة تحسب عليه من بلوغه. فلو لم يكن بمجرد البلوغ رشيدًا لما حسبت عليه من السنة المشهور التي كان فيها سفيهًا، وأسقطت شفعته بمضي سنة كان في شهور منها سفيهًا.

وهذا التخريج أشد إشكالًا. لكونه قد قيل في المذهب: إن الشفعة تجب على الفور، فإن تأخر الشفيع عن الأخذ بالشفعة وقد علم به سقط حقه فيها، كمن اشترى سلعة فاطلع على عيب بها، فإنه إنما يقوم بالردّ بالعيب بفور علمه به. وأمّا إن طال سقط حقه بالقيام به إذا تصرف به في المبيع من غير عُذر.

وأما مجرد البلوغ مع حصول الرشد، فإنه يوجب تسليم المال من غير خلاف في الذكران. وأمّا في النسوان فالمشهور في المذهب عندنا افتقارهن إلى شرط ثالث وهو دخول زوجها بمن بلغت عاقلة رشيدة، ولم تبلغ سن التعنيس، وتزوجت، ولكن لم يدخل بها زوجها، فإنها عندنا لا يدفع إليها مالها بخلاف الذكران.

وذهب أبو حنيفة والشافعي إلى أن المرأة البكر إذا بلغت اختبر حالها في مالها: فإن لم تكن فيه سفيهة، فإنه يدفع إليها مالها وإن لم تتزوج.

<<  <  ج: ص:  >  >>