للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإذا ردّ عقده فيما باعه وقد قبض ثمنه أخذه البائع منه، إن وجده بعينه.

وإن وجده أتلفه في ما لا بد له منه مما وقى به ماله، فإنه يؤخذ ذلك من ماله.

وإن أتلفه فيما لا حاجة له به لم يرجع به عليه، وكأن البائع هو أتلف ماله لَمَّا دفعه لمن نهى الله سبحانه عن أن يؤتى المال.

وإن كان اشترى سلعة وجب فسخ بيعه. وإن تلفت في يديه بغير سببه لم يضمنها. وإن أتلفها فيما وَقَى ماله رجع عليه بالأقل من ثمنها الذي اشتراها به أو قيمتها. ويجري هذا كله على أحكام استحقاق السلع من يد مشتريها. وهو يبسط في كتاب الاستحقاق إن شاء الله تعالى.

والجواب عن السؤال الحادي عشر أن يقال:

قد قررنا أن الله سبحانه نهى أن نُؤتي السفهاء أموالنا، ومعلوم قطعًا أن العلة في ذلك كونهم لا يعرفون وجه المصلحة فيها، ومقدار الحاجة إليها، فلا يحسنون حفظها ولا تنميتها.

وإذا كانت العلة ذلك، فمعلوم أن السكر يغير العقل والتمييز وأقل مراتبه أن يغطي العقل والتمييز عن درجة الكمال التي تحصل للبالغ العاقل الرشيد، فيجب أن تلحق عقوده بعقود السفهاء الذين لا يلزمهم عقودهم. وقد نبه الله سبحانه على فساد عقله بالسكر بقوله تعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ في الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ} (١).

فنبّه الله سبحانه على أن الخمر يغير العقل حتى يستحسن السكران ما كان يستقبحه قبل أن يشرب الخمر، ويستخف من المتقدم على المحرمات ما لم يكن يسْتخفّه قبل شربه لها. ومعلوم أن ذلك بما حدث في عقله وميزه من فقد أو انتقاص. لكن هذا الحدث هو اكتسب السبب فيه بعد أن نهاه الله عن هذا الاكتساب وحرمه عليه، وهو متعد في شربه الخمر.


(١) المائدة: ٩١.

<<  <  ج: ص:  >  >>