للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كذلك لا ينقض فيما طلبوا قبضه من المال الطارى. وهذا الذي استبعده بعض الأشياخ غير بعيد على إحدى الطريقتين عندنا في الحكم إذا وقع في الظاهر (وصوابًا فالكشف في المال أنه ليس بصواب في الباطن لو اطلع عليه) (١).

وقد اختلف القول في المدونة في المفقود إذا حكم بتمويته، فتزوجت زوجته، فلم يدخل بها الزوج الثاني حتى قدم المفقود حيًا: هل ينقض نكاح الثاني أم لا؟

فقيل: لا ينقض مع القطع على أن الحكم الواقع بتمويته، وإباحة الزوجة للأزواج، كان خطأ في الباطن الذي استأثر الله سبحانه بعلمه، إلى غير ذلك من المسائل المذكور فيها الخلاف في مثل هذا.

والجواب عن السؤال الثالث أن يقال:

قد تقرر وجوب التنصلّ من الحقوق والديون، وأن المطل من القادر على أداء الدين ظلم، والظلم من المنكرات، والمنكر يجب على ولاة الأمر تغييره فإذا فلس القاضي رجلًا عليه ديون، وحجر عليه في ماله، وامتنع من القضاء وبيع أمواله بنفسه، فإن القاضي يبيع عليه كل ما في يديه من كسبه، قلّ أوْ جلّ.

هذا هو الأصل. قد جنح إليه ابن كنانة مين أصحاب مالك، قال: ولا يترك للمفلس شيء. وانفرد بهذا المذهب دون مالك وأصحابه فإنهم اتفقوا على أن المفلس يترك له من ماله بعض ما لابدَّ منه ولا غنى له عنه. هذا القول على الجملة ومعلوم أن ستر عورته واجب عليه، وإن عجز عنه وجب ذلك على المسلمين. وكذلك حفظ حياته بالغذاء واجب عليه، فإن عجز عنه وجب ذلك على المسلمين فرضًا على الكفاية فمن قام به منهم سقط الفرض عن الباقين.

فلو أوجبنا على القاضي أن يبيع عليه ثوبه لأدَّى ذلك إلى كشف عورته أو تلف نفسه، لعدم ما يستره. فكان الواجب إذا عجز هو عن ذلك أن يتكلف له به


(١) ما بين القوسين هكذا في النسختين، ولعل الصواب: صوابًا فانكشف الحال ....

<<  <  ج: ص:  >  >>