إليه بأنه يبقى في يد الأجنبي هو جزء لا يتجزأ ولا يتميز بميزان ولا تقدير، ولا يصح القضاء به لعدم تمييزه، ولا فائدة في ذكره.
ولو كان المريض، الذي أقرَّ ما ذكرناه، ترك ثلاثة أولاد لقسمت تركته أرباعًا، لكون الولدين (١) لم يقرّ لهما الأب يجب لهما أن يقاسما أخاهما الذي أخذ نصف التركة بحكم الدين، فيرثانه ميراثًا متساويًا، فيكون ذلك بين الأولاد الثلاثة أثلاثًا، ثم يرجع الولد على الأجنبي بنصف ما أخذ منه على النسبة التي ذكرناها فلا يزال التراجع دائرًا بين الولدين وأخيهما والآخر المأخوذ منه ما أخذ مع الأجنبي حتى يقع الاعتدال بين الجميع.
لكن أشهب لم يطرد هذا الأصل في الرجوع من جهة ثانية، وذلك أنه قد ثبت أَلَّا ميراث إلَاّ بعد قضاء الدين. وكان مقتضى هذا إذا قيل: إن الأخ الذي لم يقرّ له يرجع على أخيه في المسألة الأولى بنصف ما أخذ؛ أن يُمَكّن الأجنبي أيضًا من الرجوع على هذا الأخ الذي لم يقرّ له فيأخذ من أخيه حتى يكمل دينه، إذ لا ميراث إلا بعد قضاء الدين. وأشهب لم يمكن الأجنبي من هذا، ولا أوجب له رجوعًا على الأخ الذي لم يقرّ له بمال أخيه، لأنه لو أوجب له ذلك لعاد الأخ المقرّ له يقاسم الأجنبي في هذا الذي بيده، فإذا قاسمه عاد الأخ الذي لم يقرّ له إلى مشاركة أخيه فيذهب إلى إحالة وعدم الوقف عند غاية.
وهذا الذي قاله يدع وابن القاسم إلى ما ذهب من المنع من هذا التراجع الدائر مرارًا. ولو فرضت هذه المسألة على حالها، وأضفنا إليها ثبوت مائة دينار على الميت فإنك قد علمت من هذه المسألة وجوب المساواة بين الأجنبي الذي لا بينة له وبين الوارث في المحاصة بالدين، وعلمت وجوب المساواة فيما بين الوارثين.