لأنا قدمنا أنه إنما يضرب مع غرماء سيده إذا كان عليه دين، فإذا لم يكن عليه دين لم يضرب بدينه الذي له على سيده فإذا نابه في الحصاص في ثمنه أكثر من الدين الذي عليه صار ما زاد على الدين الذي عليه كمحاولة أن يضرب مع غرماء سيده ولا دين عليه لأحد.
وهكذا لو كان على سيده ألف دينار لعشرة رجال العبدُ أحدهم، لكل واحد منهم مائة دينار، فإنه ينادى عليه فيقال: من يشتري هذا العبد على أن عشر ثمنه يسقط من الدين الذي عليه وهو المائة دينار. وهكذا يباع على هذه التسمية التي بيناها. ومما يلحق بما نحن فيه من تبدل المحاصة ما ذكره في المدونة فيمن ارتهن زرعًا لم يبد صلاحه، ففلس الراهن ولم يُقدَر على بيع الزرع لكونه لم يبد صلاحه، فكان من حق مرتهن الزرع أن يحاص الغرماء بدينه مخافة أن يهلك الزرع، ولم يكن حاصهم، فلم يجد مرجعًا على الغريم وينفرد غرماؤه بماله دون هذا، فإنه إذا حاصهم وأخذ ما نابه في الحصاص، فطاب الزرع. فوجب بيعه في دينه، فإذا بيع أخذ ثمنه الذي هو أحق به من سائر الغرماء، لكون من بيده الرهن أحق بثمن الرهن من سائر الغرماء، فإذا أخذ ثمن الزرع سقط ذلك من دينه، وتبين من ذلك أنه حاصّ الغرماء بأكثر مما يجب له التي كانت بمائة دينار حقها أن تكون بخمسين دينارًا لسقوط خمسين منها فأخذ المرتهن ثمن الزرع فينظر ما ينوبه في المحاصة لو كانت بخمسين دينارًا فيمسكه مما أخذه في المحاصة ويرد ما فضل عن ذلك إلى الغرماء، ويصير ما رده عليهم كمال طرأ للغريم فيتحاصُّ فيه جميع غرمائه. هذا حكم المحاصة الأولى على الجملة.
وقال يحيى بن عمر: وإذا وقع لكل غريم نصف حقه نظر فيما بقي من دين هذا المرتهن بعد ما قبض من ثمن الزرع، فأمْسك مما وقع له في الحصاص نصفه (ومن نصفه)(١). وهذا نحو ما ذكرناه على الجملة لأنه أخذ في المحاصة شيئًا، فلما