وقبل ذلك كان لا يستحق في الصداق شيئًا فلا تكون له غلة فيما مضى قبل الطلاق.
وقيل له نصف الغلة، وكأن الطلاق كشف لنا أن المرأة ما كانت تستحق إلا نصف الصداق، وكأنها اغتلت نصفه وهو مال الزوج، وهذا كما قدمناه مرارًا في أحكام المرتقبات: هل تقدر كأنها لم تزل حاصلة في مبدأ الأمر، وإنما يقدر حصول ما كان مترقبًا حصوله حين وجد وحصل؟.
والجواب عن السؤال السادس أن يقال:
الدين يقضى عندنا من دية المديان إذا مات مقتولًا وكان القتل خطأ، لأن الدية، وإن كان إنما استقر وجوبها بعد موته، فهي مال من ماله، وسببها كان في حياته، فكأنه اكتسبها في حياته؛ وأيضًا فإنها عوض نفسه التي كانت تسعى في الكسب لغرمائه، وكان لغرمائه حق فيها، ويقدمون على الورثة بما ذكرناه من كونها مستحقة في حياته لكونها عوض ذمته التي أفاتها القاتل على غرمائه.
وكذلك لو كان القتل عمدًا ورضي ورثته بأخذ الدية، أو تراضى بها ورثته والقاتل، فإن غرماءه أحق به من ورثته للعلة التي قدمناها.
ولو عما عن دمه بعد أن جرح الجرح الذي مات منه، والقتل خطأ، لكان عفوه عن الدية لا يجوز إذا رده الغرماء.
ولو لم يكن عليه دين لكان لورثته أن يردوا إن (١) زاد علي ثلثه مما عما عنه.
ولو كان القتل عمدًا لجاز عفوه ولم يكن لغرمائه أن يردوا عفوه لأن الواجبب له القصاص، وإنما تثبت الدية بالتراضي على رواية ابن القاسم، والدم الذي استحقه لا منفعة في إراقته لغرمائه، ولا يلحقهم ضرر بعفوه، فمضى عفوه فيه. وقد كنا قدمنا الكلام على هذا، وأشرنا إلى ما يتخرج فيه على مذهب أشهب القائل إن لولاة المقتول أن يجبروا القاتل على الدية.