للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وحمل بعض الأشياخ هذا الخلاف المذكور في المدونة على أن المُراد به إذا كان الغرماء الساكتين حاضرين بالبلد، ولم يشاهدوا القسمة بين الغرماء القائمين بالتفليس، وقدر أن مشاهدتهم للقسمة لمال الغريم كالتصريح بإسقاط حقه فلا يحسن الخلاف فيه.

وكأن هذا المتأول للاتفاق على أن مشاهدة القسمة علم على إسقاط الحق يرى أنها في الدلالة على إسقاط الحق في المحاصّة أقوى من الدلالة على مجرد السكوت.

وكأن الغَيْرَ إلى هذا أشار في كلامه.

وهذا منشأ الكلام فيه الاستشهاد بالعادات على المقصود مثل (١) هذه الأوجه للخلاف المذكور سوى اعتبار هذا من جهة العادات.

وكأن ابن القاسم وغيره اختلفا في شهادة بعادة.

وكان سحنون يشير إلى قصر الخلاف في هذا في مال المفلس إذا قام به بعض غرمائه طالبًا تفليسه.

وأما لو كان ذلك في مال ميت فُلِسَ بعد موته وأخذ بعض غرمائه حقوقهم فإنه لا يسقط حق من سكت عن القيام معهم، وله أن يرجع على الغرماء القابضين فيحاصّهم، لأجل أن ذمة الميت خربت وانقطعت، فلا يظن أن من له حق فيها مسقط لحقه على الإطلاق وواهب له. بخلاف المفلس الحي فإنه بقيت ذمته فيقول: الغرماء في الصبر على طلب (٢) بقاء ذمتهم واكتسابه، والرجوع على الغرماء فيما قبضوه، فلا يكون سكوتهم كالهبة لحقهم على الجملة بخلاف الميت الذي انقطعت ذمته، والرجاء في اكتسابه.

وقد قال بعض الأشياخ: إن قول ابن القاسم في المدونة في سكوت بعض


(١) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: من مثل.
(٢) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: الطلب.

<<  <  ج: ص:  >  >>