للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

معاملتهم له، واختلف به الحال بي استغناء وفقر، فإنه إذا قام عليه الغرماء تحاصّ جميعهم في ماله، مَن عامله وهو مُثرٍ ومن عامله وهو معدم.

فكذلك هؤلاء الساكتون الذين سبق دينهم التفليس مع الذين عاملوه بعد التفليس، لكون العلة في منع التفليس الدخول مع الآخرين كونَ ما في يديه بعد التفليس، معلوم أنه مال الآخرين الذين عاملوه بعد التفليس.

وهذه العلة تتصور في الساكتين عن تفليسه كما تصورت في القائمين بتفليسه.

وكأن مطرفا رأى أن الذين لم يفلسوه وسكتوا عن طلبه لم يسلموا كونه مفلسًا. ولو قاموا كما قام أصحابهم لأظهروا له مالًا خفيًا فلا يثبت في حقهم حكم التفليس الدال على أن ما في يديه من المعاملة الثانية.

وقد وقع لابن القاسم في كتاب السرقة: إذا كانوا (١) أحد غرماء المفلس غائبًا فقدم بعد الحكم بتفليسه ومعاملته لقوم آخرين، فإن هذا الغائب القادم لم يدخل مع الآخرين بدينه، على نحو ما حكيناه عن مطرف في سكوت بعض الغرماء الحاضرين عن تفليسه.

ولو قام جميع الغرماء بتفليسه وتحاصوا في ماله فأبقى بعضهم ما نابه في الحصاص في يد غريمه، ومكنه منه، بعد أن حيل بينه وبينه، فإن هذا كمعاملة ثانية يضرب بها مع الآخرين الذين عاملوه بعد التفليس ويكون الضرب بعدد ما أعادوه (٢) عليه لأن ذلك كاستئناف معاملة ثانية. وقد وقع في كتاب ابن حبيب أن هذا الذي أبقى نصيبه في المحاصة في يد هذا الغريم يُغْرَم بدينه كله، وقدّر أن الزائد على مقدار ما أعادوه إليه مما بقي من دينه عليه كأنه لم يقم بتفليسه فيه ولا في ما نابه من الحصاص لكونه أبقى ما نابه في يد غريمه.


(١) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: كان.
(٢) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: أعاده.

<<  <  ج: ص:  >  >>