للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وكذلك المريض تعلق به حجرٌ ما لِحق ورثته. فقد تكلمنا على إقراره في مرضه بدين لأجنبي، وعليه دين ببيّنة. وكذلك إقراره بدين لوارث. وذكرنا في كتاب المديان ما بين فقهاء الأمصار: مالك والشافعي وأبي حنيفة من الاختلاف، في هذا، وما وقع فيه أيضًا في المذهب من الاختلاف، فيستغنى بمطالعته هناك عن إعادته ها هنا.

وأمّا من حجر عليه لحقّ سيده، فسنتكلم على إقراره في كتاب المأذون له في التجارة إن شاء الله تعالى.

وقد أوضحنا حكم الإقرار بحقوق الخلق مجردة من حق الخالق، وحقوق الخالق مجردة من حق الخلق.

وقد يقع ما هو مشترك بين هذين الحقين مثل الإقرار بأنه سرق مالًا، فإن السفيه والعبد يؤخذان بإقرارهما فيما يتعنق بأبدانهما من قطع أيديهما إذْهما عاقلان، ولا يتهم العاقل في اقراره باطلًا بما يوجب قطع يده، ويتهم في المال، فيقطعان، ولا تلزمها غرامة لما ذكرناه، وإن كان للشافعية قولان في إلزامهما الغرامة:

أحدهما: ما حكيناه عن مذهبنا من أن الغرامة لا تلزمهما.

والثاني أن ذاك يلزمها لكون هذا الإقرار بلفظ واحد يتضمن شيئين أحدهما مرتبي بالآخر. فإذا وجب أحدهما وهو القطع ارتبط به الآخر الذي لا ينفك عنه في الشرع وهو غرامة المال.

وأمّا تمكين المقرّ من الرجوع عن إقراره في حقوق الله سبحانه، على خلاف فيه، إذ لم يتعذر (١) عن إقراره (٢) يجب قبوله، فإن ذلك مبني على أن حقوق الله مبنية على المسامحة، إذ هو سبحانه يتقدس من أن يلحقه الضرر


(١) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: يعتذر
(٢) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: [بما] يجب قبوله.

<<  <  ج: ص:  >  >>