للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإن الحكم فيه ما قدمناه من تصديق المقَر له وتكذيبه لقوله: إنه توليج وزور.

والجواب عن السؤال الثالث أن يقال:

اعلم أن الإقرارات الأصل فيها أن تؤخذ على ظواهرها وما تفيده في اللغة أو العرف. لكن ربما اقتضت قرينة الحال ونساق المقال، ما يخرجها عن مقحضاها وينقلها عن هذا الحكم الذي أصلنا فيها. فقد كنّا قدمنا في كتاب الشهادات فيمن أقرّ لرجل بدين ووصل إقراره بأنه قضاه إياه، وأورد ذلك في (أنثى دحته الرجل وشطره أو أنثى ذمه له) (١). وذكر تسلطه وتعايظه (٢) في الحقوق، وهو من هذا السلك الذي نحن فيه. ولكن ما يرد أيضًا من الإقرار مورد الاعتذار فإنه يسقط حكمه.

وقد روى أشهب عن مالك فيمن اشترى سلعة فسأله البائع في أن يقيله فقال له: تصدقت بها على ابنتي. ومات الأب فقامت الابنة تطلب هذه السلعة بمجرد اعتذار الأب وإقراره بأن الملك لها. فقال مالك: لا يقضى لها بذلك. وليس بقاطع. وكذلك روى أيضًا عن مالك فيمن سئل أن يكري داره فقال: هي لابنتي حتى أشاورها، فقامت الابنة طالبة بهذا الإقرار، فإن ذلك لايقضى به. وكذلك سئل مالك: من يسأله أحد من بني عمه أن يسكنه دارا، ثم سأله ثان من بني عمه، فقال: هي لزوجتي، ثم سأله ثالث من بني عمه، فقال: هي لزوجتي، فقامت هذه الزوجة بهذا الإقرار والتكرر، فإنه لا يقضى عليه به.

وكذلك لو أضاف الملك إلى أجنبي، فقال: الدار لفلان، معتذرا بذلك لمن سأله في بيعها منه، ووافق أصبغ مالكا وأصحابه على هذا. وسواء طلب المقرّ له أخذ هذه الدار بدعواه أنه يملكها، (فربما قبل هذا الإقرار، أو أراد


(١) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: أثناء مدْحَتِه الرجل وشكره وأثناء ذمه له.
(٢) هكذا في النسختين.

<<  <  ج: ص:  >  >>