للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بإقراره، سواء أقرّ بفعل أو أقر بملك. وقد حكينا عن مالك في صدر هذه المسألة فقال: تصدقت بها على ابنتي وماتت (١)، فإن الابنة لا يقضى لها بذلك إذا طلبت القضاء به. قال: وليس هذا بقاطع. وهذا ظاهره يخالف مذهب أصبغ، وان الاعتذار بالاقرار بالملك أو بالاقرار بالبيع والهبة سواء في كونه لا يلزم المقَز له ما قاله من هذا وهو الأصل إذا كانت قرينة الحال تدل على أنه إنما قصد بهذا الإقرار المدافعة، وقال الكذب والعذر. لكن ما حكيناه عن مالك وقع فيه أن السائل لمالك ذكر له أن هذا الناطق بالاعتراف بالتهمة مات.

وقد يدافع أصبغ عن هذا بأن يقال: فإن البطلان ها هنا لأجل عدم الحوز في الهبة، ولا يكون ذلك حجة على تفرقتي بين اعتذاره بأنه باع أو وهب وبين اعتذاره بأن الملك لفلان.

لكن ظاهر قول مالك رضي الله عنه أنه أبطل الإقرار لكونه خرج مخرج الاعتذار لا يكون الحوز لم يثبت، ألا تراه قال: وليس هذا بقاطع، ولم يعلل يعدم الحوزة ولكنه مع هذا ليس كالنص الجلي

وكذلك قال أصبغ: ولو سأل رجل رجلًا أن يزوجه ابنته، فقال: زوّجتها من فلان، فقام فلان طالبا لهذا المقر بأنه زوجه ابنته فإنه يقضى له بتزويجها، سواء قال هذا المضاف إليه التزويج: إني كنت تزوجتها قبل أن يقول أبوها هذا المقر ما قال، أو طلب كونها زوجا بمجرد هذا الإقرار الخارج مخرج الاعتذار.

واعتل بأن الهزل واللعب يثبت في النكاح والطلاق والعتاق، كما ورد في الأثر "ثلاث هزلهن جد ... " (٢).

وهذا الاعتلال منه بعيد على أصله، لأنا قدمنا عنه أن الاعتذار بأنه باع أو وهب يقضى به عليه. ولا يرجع حكم هذا الإقرار مخرجه مخرج الاعتذار.


(١) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: مات.
(٢) الحديث بتمامه أخرجه الترمذي بسنده إلى أبي هريرة. انظر الجامع الكبير ٢/ ٤٧٦ - حد ١١٨٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>