للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قيل قد ذهب ابن مسلمة من أصحابكم إلى أن التارك للشيء اليسير من الممسوح في التيمم يجزيه تيممه. وظاهر كلامه إن تارك اليسير من الوجه يجزيه تيممه. فلم يثبت الاتفاق على إحالة (١) كون الباء للتبعيض في الوجه. قيل كونها للتبعيض يوجب جواز الاقتصار على اليسير منه. وابن مسلمة إنما يجيز ترك اليسير منه لكون اليسير عنده لا حكم له: فشتان بين مذهب يوجب فعل الكثير، ومذهب يقتضي إيجاب فعل اليسير. فلم يكن فيما قلناه قدح بهذا الاعتراض والجواب عن السؤال الثالث: أن يقال: قد قال ابن شعبان من أصحابنا: يخلل المتيمم أصابع يديه. وذلك في التيمم أوجب منه في الوضوء. وإنما قال هذا لأن الحكم إيعاب الكفين. ولا يمكن إيعابهما إلا بالتخليل. وإنما قال: إن ذلك في التيمم أوجب منه في الوضوء؛ لأن جوهر الماء لطيف يسيل بطبعه خلال الأصابع والتراب بخلافه.

والجواب عن السؤال الرابع: أن يقال: يؤمر المتيمم بنزع خاتمه ليمسح ما تحته. وهذا في التيمم؛ لأن التراب لا يسيل بطبعه فيباشر البشرة القياسترها الخاتم. فإن لم يفعل فأصل المذهب أنه لا يجزيه. وعلى ما قدمناه عن ابن مسلمة -أنه يعفى عن اليسير في التيمم- يجزئ هذا التيمم ليسارة ما تحت الخاتم.

والجواب عن السؤال الخامس: أن يقال: اختلف في المأمور به من عدد الضربات فالمعروف من المذهب ضربتان. وانفرد ابن الجهم فقال ضربة واحدة. وقد اختلفت الأحاديث: ففي بعضها ضربة وفي بعضها ضربتان. فإن قلنا بالمشهور فاقتصر على ضربة واحدة فهل يؤمر بالإعادة أم لا؟ فيه قولان.

فإن قلنا بالإعادة فهل يعيد في الوقت أو يعيد أبدًا؟ فيه أيضًا قولان. فالأظهر أن من نفى الإعادة أو أثبتها في الوقت لا (٢) يرى الضربة الثانية فرضًا. ومن أثبت الإعادة أبدًا يرى الضربة الثانية فرضًا. وقد قدمت عن بعض أشياخي أنه أنكر مثل هذا التخريج، وقال يحتمل أن يؤمر بالإعادة أبدً ابن اء (٣) على طريقة من


(١) إحالة ساقطة -ح-.
(٢) لا ساقطة -ح-.
(٣) أبدًا ساقطة -ق- بناء ساقطة -و-.

<<  <  ج: ص:  >  >>