ذلك؛ لأنها هبة لما في يديه، وقد استحقوه عليه، وليس لمن أحاط الدين بماله أن يهب، على ما بيناه في كتاب التفليس، وذكرنا ما قيك فيه من تخريج خلاف.
والجواب عن السؤال السابع أن يقال:
قد ذكرنا في السؤال الذي أمليناه ها هنا، وهو ما تصح الحمالة به، أن الحمالة لا تصح بالحدود التي هي حق لله سبحانه، إذ لا يجوز أن يحد رجل لرجل آخر، ولو أوصى بذلك، وكذلك الحقوق البدنية التي للخلق كالقصاص، فإنه لا يجوز أيضًا التحمل بها على أن يقطع أو يقتل رجل بدل ما يوجَب على آخر بالقصاص في النفس أو قطع اليد. إلى غير ذلك مما اشتمل عليه ذلك الفعل. واقتضى الترتيب أن نملي هناك ما نمليه هنا من الكلام في الحمالة بالوجه.
فاعلم أن المحتمل به إما أن يكون ببدن الإنسان المطلوب مال أحال عليه. فإن كان التحمل ببدن الإنسان ولم يشترط ما عليه من المال، فإن هذه الحمالة اختلف الناس فيها، على ما نقله بعضهم، وذلك أنه لم يختلف عن مالك وأصحابه ولا عن أبي حنيفه وأصحايه، في جواز الحمالة بوجه من عليه دين. وبذلك قال جمهور العلماء فمنهم شريح والليث بن سعد وأحمد بن حنبل وغيرهم، حتى أن بعض أصحابنا البغداديين وبعض أصحاب الشافعي يشيرون إلى إجماع السلف على جواز ذلك.
وإنما وقع النزاع، في إثبات الخلاف في هذه المسألة وارتفاع الخلاف فيها، في لفظة وقعت للشافعي فاختلف أصحابه في تأويلها، وذلك أن ابن القصار، من أصحابنا، يقول: إن الشافعي قال بالجواز، وقال بالمنع، وكيار أصحابه ينكرون إضافة المنع إليه، ويرون أنه موافق لمذهب الجماعة، وإلى هذا أشار أبو حامد الاسفرايني، فذكر أن المعروف عنه في كتبه جواز الحمالة بالوجه. ونقل ذلك عنه من كلامه في الإقرار، والمواهب، وفي اختلاف