للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الغريمين، وأن مراده أيضًا كون الحميل غير موسر إلا بأحد الدينين: فأما تأويله أن المراد أنه غير موسرٍ إلا بأحد الدينين فإن الحميل إذا كان موسرًا بالدينين جميعًا، والغريمان معسران، لم يكن لاختلافهما عمّن يكون القضاء فائدة, لأنه إذا قبضه (١) المتحمل له عن الغريم الذي قال: لا أقبض منك إلا عنه، طلبه بالقضاء عن الآخر. وإن كان الغريمان موسرين، فكذلك أيضًا، إذا قلنا بأحد قولي مالك أن له طلب الحميل مع يسر الغريم. فيصح ها هنا أيضًا أن القول قول من له الدين: إني لا أطلبك إلا عمّن شئتُ أنا دون من شئتَ أنت.

وكذلك إذا كان أحدهما موسرًا والآخر معسرًا وقلنا: له مطالبة الحميل بالقضاء عن الموسر، صار في حقه كأنهما معسران. وإن قلنا: ليس له مطالبته فمن دعا منهما إلى كون القضاء عن المعسر، قبل ذلك منه. وبالجملة فإن الذي له الدين يجب أن يكون هو المبدَّأ في قبول القول لأنه حق له يطلبه ممن شاء.

لكن إن ظهر غرض وفائدة في اختلافهما فيمن يقضى عنه من الغريمين فكأن لمن له الدين فائدة فيمن اقترح أن يكون القضاء عنه، وللحميل فائدة فيمن اقترح أن يكون القضاء عنه، كان العدل بينهما قسمةَ المال بين الغريمين كما يقسم الم الذي التفليس بين الغرماء.

وإذا اشترى الغريمان في الزمن الذي ينتظر يسيرهما إليه لم تظهر فائدة أيضًا للحميل فيما دعي (٢) إليه. لكن إذا ادعى (٣) إلى كون القضاء عن أقربهما يُسْرأ، فقد يكون له في ذلك غرض أن يصرف له الآن مما في يديه مقدار ما يترك للمفلس من الإنفاق على استبعاد هذا الغرض.

ومما يلحق بهذا أيضًا: إذا غاب الغريم فقضى الحميل عنه الدين بعد حلول أجله، ثم قدم الغريم فأثبت ببينة أنه كان قضاه أيضًا قبل سفره فإن رجوع


(١) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: قبض.
(٢) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: دعا.
(٣) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: دعا.

<<  <  ج: ص:  >  >>