للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

في تغليب حكم الأرض كون مِلكِها سبق ملكَ ما أُحْدِثَ فيها من البناء والغرس، والسبق له تأثير في الترجيح، لا سيما أنه مِلْك صحيح في الظاهر، خلاف ما أُحدث من البناء والغرس، وطرد هذا التعليل يقتضي ألا يفترق الحكم في كون الأرض قليلة الثمن أو كثيرة الثمن.

والجواب عن السؤال الرابع أن يقال:

إذا غلبنا حكم صاحب الأرض، وأسقطنا حكم الباني والغارس، وأزلنا ملكه عن ذلك، فإنه:

إن كان غاصبا فله نقض م ابن ي أو غرس ممن له منفعة إذا أخذه وأزاله، ولكن لصاحب الأرض المغصوبة أن يعطيه قممة بنائه وغرسه منقوضا بعد أن تُحَطَّ أجرة النقض والقلع، على ما بيناه في كتاب الغصب.

وأما إن كان مشتريا, ولم يعلم بأن من باع منه غاصب، فإن رب الأرض من حقه أن يزيل مِلْك الباني والغارس عن بنائه وغرسه بالقيمة. وهل يكون التقويم لذلك على أنه منقوض، كما قلناه في الغاصب، أو على أنه قائم؟ المعروف من المذهب: يقوَّم على أنه قائم .. وذكر شيخنا أبو محمَّد عبد الحميد أنه قيل، فيمن بني بوجه شبهة، أنبما يُعطَى قممة بنائه منقوضا. وأظنه إنما حكى ذلك عن شيخه أبي القاسم السيوري أنه نقله. فإن صحّ هذا، فإنه أجراه صاحب هذا المذهب مجرى الغاصب لكون غلطه على أرض غيره لا يوجب بقاء بنائها. والمعروف من المذهب خلافُ ذلك. فكأنه لما كان له شبهة فيما أحدث لم يجر مجرى الغاصب، وقد قال عليه السلام "من أحي أرضا ميتة فهي له، وليس لعرق ظالم حق" (١) دليل هذا الخطاب أنه إذا لم يكن ظالما فلبنائه حرمة، وحرمته أن يكون قائما. وهذا يقتضي ما ذهب إليه الجمهور من كونه يُعطَى قيمةَ بنائه قائما. وقد روي عن مالك أيضًا: يُعطَى ما أنفق. وهذا ربما


(١) سبق تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>