إذا لا فائدة للغاصب فيما نقله (١) منها، وابقاؤه في الأرض لمالك الأرض فيه فائدة. فقدم حقه على حق الزارع. ولكن مع هذا لَوُ أَشَارَ ربّ الأرض ألاّ يقبل هذه القائدة، ويقول للغاصب. اقلع هذا الزرع, لأن ملككَ خبيث، حتى أرزع أنا مكانه من مالي. لكان من حقه. فلو أراد مستحق الأرض ألاّ يأمره بالقلع ولا يقبل هذا الزرع ليملكه بتفسه، ولكن رضي بأن يبقى الزرع بكراء يأخذه من الغاصب بذلك، فإن في الموازية: المنع من تراضيهما بذلك, لأنه لما قدَر صاحب الأرض أن يبقي الزرع لنفسه بغير عوض ييذله فيه، صار للغاصب على معنى كراء يأخذه منه، فإن ذلك، وإن سمي كراءً، فإنه شراء من الغاصب لهذا الزرع الذي ملكه مستحق الزرع ليبْقيه لنفسمعتى يحصده بغير عوض يبذله له.
وهذا الذي قاله ابن المواز إنما يتضح عندي على إحدى الطريقتين المشهورتين في المذهب: مَن ملك ان يملك هل يعد كالمالك أم لا؟ في ذلك قولان. وهذا لما خُيِّر بين أن يأمر الغاصب بقلع هذا الزرع ليتمكن من زراعة أرضه بمال نفسه، وبين أن يصرف الغاصب عنه ويبقيه لنفسه باطلا، صار كأنه اختار إبقاءه لنفسه، ثم بعد اختياره لذلك باعه من الغاصب الزارع على التبقية أن يحصده الغاصب، ويأخذه، وبيع الزرع قبل بدوّ صلاحه على التيقية لا يُختلف في منعه.
وأما إذا قلنا بأنه لبم يختر ملك هذا الزرع، وإنما اختار قلعه، فصار الغاصب كأنه قلعه، ثم استأنف عقد كراء في زراعة هذه الأرض، فإن ذلك لا يتصور فيه كون الكراء ها هنا كالشراء للزرع.
وأما إن أتى مستحق الأرض وقد صار الزرع إذا قلع انتُفع به، وصار له ثمنٌ ولكن الإبّان لم ينقضِ، فإن له أن يأمر الغاصبَ بقلع الزرع ليزرع الأرض وإن أراد ألاّ يأمر الغاصب بالقلع، ويهعطيه قيمته مقلوعا، ويبقيه لنفسه، ففيه قولان، هل يجوز ذلك، لكون الحكمِ قلعَ الزرع إذا شاء المستحق، فكأنه