فإن قاسوا الرهن المتقدم على المعاملة فإن ذلك قياس يصح على مذهبهبم دون مذهبنا، فإن رجلًا إذا قال لرجل: دائنْ فلانًا، وعليّ ضمان ما تدايِنُه به، فإن ذلك ضمان لازم عندنا، إذا داينه بعد هذا القول بما يشبه أن يداين به ويثبت ذلك. وهو يمنعون ذلك، ولا يرون الضمان ينعقد بما يستقبل المعاملة كما قالوا في الرهن.
وكذلك لو قال: ما داينتَ به أحد إلغرماء أو غصب أحد فعلىّ ضمانه. نختلف نحن فيه معهم.
وقد ذكر ابن القصار أن من قال لرجل: اطرح متاعك في البحر، وعليّ ضمانه، فطرح الرجل متاعه في البحر، أنه لم يختلف في لزوم هذا الضمان، وإن كان ضمانًا تقدم الوجوبَ. فكذلك الرهن إذا تقديم ثبوتَ الحق.
وهم ينفصلون عن هذا بأن هذا يجري مجرى المعاوضة فكأنه قال له اطرح متاعك، وأنا أعطيك قيمته عوضًا عنه، فلهذا أُلزِم ذلك، لأن حكم المعاوضة خارج عما نحن فيه. وابن القصار يرى أن هذا من الأسلوب الذي نحن فيه، (لأنه قيمة التزام قيمته)(١) قبل وجوبها ووجود سببها.
وقد تقدم حكم ضمان دين يثبت فيما بعد، في كتاب الحمالة بما يغني عن بسطه ها هنا.
والجواب عن السؤال الرابع أن يقال:
الرهن يكون أنواعًا، منه ما يجوز ملكه وبيعه، ومنه مالًا يجوز ملكه ولا بيعه، ومنه ما يصح ملكه ولايصح بيعه، ومنه مايصح بيعه.
واختلف في رهنه:
(١) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: لأن نيَّتَهُ التزامُ قيمته.