للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وعندي أن هذا الاختلاف، إن ثبت، فإنما يحسن إذا لم يفرَّق بين الولد وبين أمه تفرقَةً يلحقه الضررُ الشديد منها، ويلحقها من تعلق النفس به، إذا حيل بينه وبينها، الضرر أيضًا, لأن العلة في الاتفاق على منع التفرقة في البيع مراعاة الضرر الذي أشرنا إليه.

وقد يكون الرهن مما يجوز بيعه باتفاق، ولكن يعرُض فيه عارض يمنع من رهنه، غيرُ هذه المعاني التىِ تكلمنا. عليها، مثل رهن الدانير والدراهم والفلوس، فإن ذلك يُمنع منه، إلا أن يُطبع عليها، حتى يحال بين المرتهن وبين التصرف فيها، فتوضع على يديه مطبوعًا عليها، فلا يخفى تصرفه فيها إذا اطُلِع على زوال الطبعْ. وإذا اطُّلع علي بنائه (١) عُلِم أنه لا (٢) يتصرف فيها. وما ذلك إلا حماية الذريعة أن يكون الراهن والمرتهن قصدا إلى أن يقبض على جهة السلف وسمَّيا ذلك القبض رهنًا، واشتراط السلف في المداينة أو المبايعة يُمنع، والتطوع به كهبة المديان. وقد سلف القول فيها.

وأما إذا كان الرهن مما يعرف بعينه، فلا يختلف في جواز أخذه رهنًا إذا كان لم يختلف في جواز بيعه.

وإن كان لا يُعرف بعينه، وليس من الاثمان التي هي الدنانير والدراهم والفلوس، كالمكيل والموزون، فإن في ذلك قولين: المشهور منهما إلحاق ذلك بالدنانير والدراهم. وأجاز ذلك أشهب، وقال: إن التصرف في هذا الجنس لا يخفَي ولعله يشير بهذا التعليل إلى أن التصرف والسلف مما يقع في الدنانير والدراهم من واضع يده عليها. بغير إذن مالكها، ويبعد في العادة استخفاف مثل ذلك في المكيل والموزون من طعام كالقمح والزيت ومن سلع كالكتان والحرير.


(١) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: بقائه.
(٢) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: لمْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>