للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ميلها عن الأفق غاربة. وقد اختلف المذهب في مقتضى هذه الآية. فقيل المراد بدلوك الشمس صلاة الظهر. والمراد بغسق الليل صلاة العتمة التي تفعل في ظلمة الليل، وغسقه. والمراد بقرآن الفجر صلاة الصبح. وقيل المراد بدلوك الشمس صلاة الظهر والعصر. وبغسق الليل المغرب والعشاء. وبقرآن الفجر صلاة الصبح. فتضمنت على المذهب الأول ثلاث صلوات، وعلى المذهب الثاني الخمس صلوات (١). وسبب هذا الاختلاف أن تعجيل العصر وتقريبها من الزوال ليس بوقت مختار *ولكنه وقت لها عند بعض الأسباب والأعذار. فهل تحمل الآية على الوقت المختار* (٢) فلا يشار بالدلوك إلى العصر ولا بالغسق إلى المغرب لأن تأخير المغرب أيضًا إلى الغسق لا يختار. أو يحمل الدلوك على الظهر والعصر لأنهما يفعلان عند الزوال لأسباب وأعذار، ويحمل الغسق على صلاة المغرب والعشاء لأن المغرب تؤخر إلى الغسق لأسباب وأعذار (٣).

وعندي أن هذا الاختلاف ربما انبنى على اختلاف أهل الأصول في الأمر هل يتناول المكروه أم لا؟ فمن أهل الأصول من قال لا يصح تناوله المكروه.

ومنهم من قال يصح ذلك. وبيان تخريج مسألتنا على هذا أن تقريب العصر من الزوال أو تأخير المغرب إلى الغسق مكروه على ما سنذكره. وقد أمر الله سبحانه بإقامة الصلاة في هذه الأوقات. فمن جوز تناول الأمر للمكروه ادخل في الدلوك العصر وإن كان فعلها حينئذ مكروهًا. ومن لم يرد ذلك لم يدخل في الدلوك العصر. لأن فعلها حينئذ مكروه. وكذلك القول في المغرب. وذكر الطبري أن غسق الليل صلاة المغرب (٤). فكأنه أمر بإقامة الظهر والعصر إلى المغرب.

وحكى عن بعض الناس أن غسق الليل صلاة العصر.

وقوله تعالى: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفُ امِنَ اللَّيْلِ} (٥). فاختلف


(١) خمس صلوات -ق-.
(٢) ما بين النجمين ساقط من -ح-.
(٣) ولا عذار -و-.
(٤) جامع البيان ج ١٥ ص ١٣٤ ونسبه إلى ابن مسعود وإلى ابن عباس.
(٥) سورة هود، الآية: ١١٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>