للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فلأي وجه اعتبرتم أحدهما بالآخر من غير علة تقتضي ذلك ولا مناسبة توجب؟ هذا وهم يقولون إن الوثني لا يقر على دينه وتؤخذ (١) منه الجزية ومع هذا فإنه إذا أسلم لم يؤمر بقضاء (٢) الصلاة. فدل ذلك على صحة ما قلناه من أن قضاء العبادة مرتبي (٣) بالإقرار أو منع الإقرار. فإذا ثبت أن المرتد لا يقضي، لم يتصور العكس كما قال رحمه الله، وإنما يعتبر فيه إذا أسلم في حال ضيق الوقت، ما يعتبر في الكافر الأصلي إذا أسلم من اعتبار خمس ركعات قبل الغروب في الظهر والعصر على حسب ما يرد بيانه.

والجواب عن السؤال الرابع: أن يقال: أما انعكاس الناسي فإنه لا يتضح كما اتضح في غيره من الأقسام المنعكسة التي ذكرناها. فلهذا لم يصرح به كما صرح بها، واستغنى بالإشارة إليه لعدم اختصاصه بالمعنى الذي أخذ في بيانه، ولو صورنا (٤) الانعكاس في ذاكر نسي، فلا شك أن النسيان يمنع من توجه الخطاب؛ لأن الناسي لا يكلف ما هو ناس له. وإن قلنا إن الحاضر إذا كان ذاكرًا لصلاة الظهر والعصر، فلما كان عند تضيف الشمس للغروب أخذ في السفر ونسي أن يصلي الظهر والعصر حتى غربت الشمس وهو في السفر فذكرهما حينئذ كيف يقضيهما قصرًا أو إتماما؟ يعتبر مقدار خروجه. فهذا وإن تصور فإنه لا معنى له. لأن المعتبر مقدار خروجه فيؤمر بالصلاة على حسب ما يقتضيه ذلك المقدار. فإن غفل عن إقامة ما أمر به فلم يذكر إلا بعد حين، فهل تعتبر الحالة الواجبة عليه أو حالة الأداء؟ هذه مسألة أخرى. وقد يمكن صرف إشارته رحمه الله إلى تصويره بأن يفرض الكلام في مسألة من نسي الظهر وصلى العصر عند الغروب وبقي بعد فراغه من العصر للغروب مقدار ركعة. فهل تجعل هذه الركعة وقتًا للظهر أو يكون الظهر خرج وقتها؟ هذا أصل مختلف فيه سنبسط القول فيه إن شاء الله وفي أمثاله من المسائل. فإن بسطها كما قاله


(١) هكذا في جميع النسخ بالإثبات.
(٢) بالقضاء للصلاة -و-.
(٣) غير مرتبي -و-.
(٤) ولو صور -ح-.

<<  <  ج: ص:  >  >>