للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

معنى لاعتبار جميع ركعاتها. وإذا لم يجب اعتبار جميع ركعاتها وجب صحة القول الأول بأن الواجب الصلاتان جميعًا لتأتي فعل الأولى بكمالها وركعة من الآخرة. وهو الذي كان يختار بعض شيوخنا.

وحجة القول الثاني أن الوقت إذا ضاق حتى لا يسع إلا إحدى الصلاتين فإن الواجب على المكلف فعل الصلاة الآخرة وتسقط عنه الأولى. ألا ترى أن مدرك أربع ركعات قبل الغروب إنما يجب عليه العصر خاصة، ويسقط عنه الظهر. فإذا تزاحم الصلاتان على آخر الوقت وثبتت الآخرة وسقطت الأولى دل ذلك على أن آخر الصلاتين أحق بآخر الوقت كما قاله عبد الملك.

وعندي أنه يجب أن ينظر في هذه المسألة من وجه آخر، وذلك أن بعض أشياخنا كان يقول لا أعلم خلافًا بين الأمة في أن التعمد في تأخير العصر إلى قبيل الغروب، بمقدار ركعة، لا يجوز، وإن فاعل ذلك آثم، وكذلك في الصبح. وإذا كان هذا هكذا فيحسن اعتبار عبد الملك جميع عدد ركعات الصلاة دون اعتبار ركعة واحدة منها لحصول الإثم بالاقتصار على ركعة واحدة في الوقت، إذ (١) كان الاعتبار عندهم بحصول جميع ركعات الصلاة في وقتها، وإن التأثيم يحصل في ذلك لمؤخر العشاء إلى مقدار ركعة قبيل الفجر. إذ (٢) لم يرد إذن في الشريعة بجواز ذلك في شيء من الصلوات. ويكون محمل قوله - صلى الله عليه وسلم -: "من أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر"، على أنه أدرك الخطاب بالوجوب إذا كان المانع من الوجوب الذي هو الحيض مثلًا، لم يرتفع إلا حينئذٍ. ولا يكون المراد بالحديث على هذه الطريقة أنه مدرك لوقت الصلاة حتى يكون مؤديًا لجميع ركعاتها في الوقت. ولهذا المعنى الذي أشرنا (٣) إليه ركب بعض المتأخرين أن المرأة إذا أخرت العصر إلى قبيل الغروب بمقدار ركعة فحاضت حينئذٍ أنها إذا طهرت تقضي العصر لأنه قدر أن الثلاث ركعات


(١) إذا -و -ح-.
(٢) إذا في -ح-.
(٣) أشار.

<<  <  ج: ص:  >  >>