للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

القول الآخر وتقضي المغرب ويصير الوقت كأنه كله للعشاء وتلغي الركعة الفاضلة. واعلم أن تخريج هذه المسألة على الأصل الذي قدمناه يتضح فيه طريقة عبد الملك. لأنه إذا جعل آخر الوقت لآخر الصلاتين فقد أدرك هذا المسافر جميع ركعات العشاء وفضلت ركعة للمغرب، فصار مدركًا للصلاتين فوجب عليه فعلهما كما قال ابن عبد الحكم وسحنون. وإن اعتبرنا المسألة على طريقة مالك وأكثر أصحابه، وهي جعل (١) آخر الوقت لأول الصلاتين، فإن الذي نص عليه من سلك طريقته أنه إنما يجب عليه (٢) صلاة العشاء خاصة وتسقط المغرب. وكان هذا البناء ينافره (٣) اللهم؛ لأنه إذا اعتبر عند آخر الوقت أول الصلاتين فكيف تسقط المغرب وهي أول الصلاتين؟ وكان سقوطها مناقض للأصل الذي أصله مالك. وابن القاسم وأشهب من القائلين بأصل مالك، وهما قد أسقطا المغرب لأجل أنه لو فعلها لم يبق للعشاء وقت. ولما استشعر بعض الصقليين انحلال هذا البناء دعاه ذلك إلى أن قال المذهب على ثلاثة أقو الذي هذا الأصل: قول يجعل فيه آخر الوقت لآخر الصلاتين. وقول يجعل فيه آخر الوقت لأول الصلاتين. وقول يعتبر فيه إدراك جملة الصلاة وركعة من الأخرى ولا يراعى أن يبدأ بأول الصلاتين ولا (٤) بآخرهما. فإذا صح له إدراك هذا المقدار وجبت الصلاتان. وإذا ثبت أن الموجبين للعشاء خاصة يرون أن آخر الوقت لأول الصلاتين فلم يستمروا على أصلهم بل أوجبوا الآخرة، وعذرهم عندي في ذلك أنهم لو أوجبوا فعل المغرب لذهب الوقت وتصرم الليل فيصير فعل العشاء بعد الفجر. وليس ذلك وقتًا لها. والحائض إذا طهرت لا تؤمر بفعل ما سبق من الصلوات وترك ما تأخر (٥). وإيقاع العشاء بعد الفجر كالترك لها.

فلما لم يصح تركها وكان الواجب على هذا الأصل صلاة واحدة لا صلاتين


(١) وهي جعل = ساقطة -و-.
(٢) تجب عليه = ساقطة -ح -ق-.
(٣) ينافر -ح-.
(٤) أو -و-.
(٥) أخر في -ح-.

<<  <  ج: ص:  >  >>